وروى النسائي (ت 303 هـ) : «أن النبي صلّى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة ثم خلّى سبيله» (?) وذكر الحاكم (ت 405 هـ) : «أن النبي صلّى الله عليه وسلم حبس في تهمة يوما وليلة، استظهارا واحتياطا» (?) .
ويفيد النص أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يتحفظ على بعض الأشخاص المتهمين وهو ما سمّي فيما بعد «بالحبس الاحترازي» ، ويذكر البيهقي (ت 458 هـ) : «أن النبي صلّى الله عليه وسلم حبس رجلا من جهينة أعتق شركا له في مملوك فوجب عليه استتمام عتقه ... » (?) .
وتشير المصادر أن السجن لم يكن للرجال فقط، بل تعدى ذلك إلى النساء، فيروي ابن إسحاق (ت 151 هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم أرسل خيلا تجاه قبيلة طيّىء فسبت خيله بنت حاتم الطائي فجعلت في حظيرة بباب المسجد كانت النساء يحبسن بها» .
هذا وقد عرف السجن في الأمم الماضية، فتشير الايات إلى ذلك على لسان يوسف عليه السّلام: ... قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي [يوسف: 33] وقوله: فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ [يوسف: 42] وكذلك وردت إشارة تبين مشروعية السجن، وذلك من خلال حديث القران عن عقوبة الزنا للنساء، وذلك في العهد المكي قبل نزول اية الجلد، فيقول الله تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا [النساء: 15] .
والحبس في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم ليس هو السجن في مكان ضيق وإنما هو تعويق الشخص، ومنعه من التصرف بنفسه سواء كان في بيت أو مسجد أو بتوكيل نفس الخصم أو وكيل الخصم عليه (?) . ولهذا سماه النبي صلّى الله عليه وسلم أسيرا، كما روى أبو داود (ت 275 هـ) وابن ماجه (ت 275 هـ) عن الهرماس بن حبيب عن أبيه، قال: أتيت النبي صلّى الله عليه وسلم بغريم لي فقال لي: «الزمه» ، ثم قال: «يا أخا بني تميم، ما تريد أن تفعل