عبد الله بن جحش وأمره ألا يفتحه إلا بعد يومين من مسيره، وهو بذلك يكون أول من ابتكر أسلوب «الرسائل المكتومة» (?) للمحافظة على الكتمان وحرمان العدو من الحصول على المعلومات التي تفيده عن تحركات المسلمين، وفي غزوة بني سليم خرج الرسول صلّى الله عليه وسلم ولم يظهر وجها (?) ، وكذلك فعل في غزوة بني لحيان حيث أظهر أنه يريد الشام ليأخذ القوم على حين غرة، وكذلك فعل في غزوة الفتح فقد أسر الرسول صلّى الله عليه وسلم لكل قائد من قواده، وأمره أن يلقاه في موضع سماه له وأن يكتم ما قاله له (?) .

ولقد حرص الرسول صلّى الله عليه وسلم في قيادته لجنده أن يرفع الروح المعنوية لديهم وبقاءها كذلك، فقد عمد الرسول صلّى الله عليه وسلم إلى مطاردة أعدائه بعد غزوة أحد حتى بلغ حمراء الأسد (?) ، وفي مؤتة (8 هـ) خطب عبد الله بن رواحة وأثار فيها الروح المعنوية (?) ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم عندما رجعوا: «بل كرار إن شاء الله» (?) وحرص النبي صلّى الله عليه وسلم كذلك على إخفاء بعض الأمور والأخبار التي تضعف الروح المعنوية، ففي أحد (3 هـ) أمر عليّا أن يستطلع سير قريش وأن يخفي ذلك (?) وفي الخندق (5 هـ) بلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نقض بني قريظة للعهد فبعث نفرا من المسلمين ليتبينوا الأمر وقال لهم: «انطلقوا فإن كان ما قيل حقّا فألحنوا لي لحنا أعرفه» (?) ، وكذلك حرص على عدم نشر الشائعات بين المسلمين، يتضح هذا من قوله تعالى: وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [النساء: 83] .

وكانت «الخدعة» إحدى وسائل النبي صلّى الله عليه وسلم في حربه مع أعدائه فقال: «الحرب خدعة» (?) ، وذكر ابن إسحاق (ت 151 هـ) أن الرسول صلّى الله عليه وسلم أذن للنفر الذين بعثهم لقتل ابن الأشرف (3 هـ) أن يقولوا ما يشاؤون من كلام يخدعون به (?) ، وفي الخندق تحرك النبي صلّى الله عليه وسلم من هذا المفهوم «الحرب خدعة» وراوغ عيينة بن حصن ليعطيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015