الناس، فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «خذوا عني مناسككم» (?) ، ويفترض فيه أن يكون خطيبا، فقد خطب النبي صلّى الله عليه وسلم بالناس في خطبته التي اشتهرت «بخطبة حجة الوداع» (?) ، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يجلس في البيت الحرام لاستقبال المسلمين من جميع أمصار الدولة للرد على استفساراتهم، والاستماع إلى شكاياتهم، ويتضح هذا من قصة «الزبية» التي اختلف فيها أهل اليمن، فقضى بينهم علي بن أبى طالب (استشهد 39 هـ) .

حتى جاؤوا إلى الحج (10 هـ) فعرضوا الأمر على الرسول صلّى الله عليه وسلم فاستمع إليهم وقضى بينهم (?) .

وكانت «السقاية» من الوظائف التابعة للحج، وبقيت هذه الوظيفة- كما كانت في الجاهلية- للعباس بن عبد المطلب (ت 32 هـ) ، ويتضح هذا من رواية لمسلم (ت 261 هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم مرّ على بني عبد المطلب وهم يسقون على زمزم فقال:

«انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوه فشرب» (?) ، وكذلك وظيفة «العمارة» وهي المحافظة على البيت، والاحتفاظ بمفاتيح الكعبة، وبقيت- كما كانت في الجاهلية- لعثمان بن أبي طلحة من بني عبد الدار (ت 32 هـ) ، وقد دفع النبي صلّى الله عليه وسلم مفاتيح الكعبة إلى عثمان قائلا: «خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم» (?) .

وهاتان الوظيفتان الوحيدتان اللتان أبقاهما الإسلام من وظائف مكة قبل الإسلام، ويشير إلى ذلك الطبري (ت 310 هـ) بقوله: «قال النبي صلّى الله عليه وسلم يوم الفتح: ألا كلّ مأثرة أو دم يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت، وسقاية الحاج ... » (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015