جهوريّ الصوت. ذكر ابن عبد البر (ت 463 هـ) «أنّ أبا محذورة كان أحسن الناس أذانا، وأنداهم صوتا، وكان يرفع صوته بالأذان حتى قال له عمر: كدت أن ينشق مريطاؤك» (?) ، وكان سعد بن عائذ القرظ يتولى مهمة الأذان في مسجد قباء (?) ، ويشير البلاذري (ت 279 هـ) إلى: «أن عثمان بن عفان كان يؤذن بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم عند المنبر أي يوم الجمعة» (?) .
كان من واجبات المؤذن أن يحفظ أوقات الصلاة، ثم يرفع الأذان في وقته، ويتضح هذا مما رواه مسلم (ت 261 هـ) من قول النبي صلّى الله عليه وسلم لبلال بن رباح وهو عائد من خيبر (7 هـ) : «أكلأ لنا الصبح» (?) ، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يرشد هؤلاء إلى أوقات الصلاة، ومن ذلك ما رواه عبد الرزاق (ت 211 هـ) في مصنفه من قول ثوبان مولى النبي صلّى الله عليه وسلم:
أذنت مرة، فدخلت على النبي صلّى الله عليه وسلم فقلت: قد أذنت يا رسول الله، فقال: «لا تؤذن حتى تصبح» ، ثم جئته أيضا فقلت: قد أذنت، فقال: «لا تؤذن حتى تراه هكذا» ، وجمع بين يديه ثم فرّقها (?) .
أما بالنسبة إلى رواتب هؤلاء المؤذنين فلم تسعفنا المصادر- التي بين أيدينا- في معرفة ما إذا كانوا يقومون بهذا الأمر تطوعا، أم يتقاضون أجرا كما هو الحال بالنسبة إلى الوظائف الاخرى.
وكان يقوم على تنظيف المساجد أناس متطوعون، فيروي الإمام مسلم (ت 261 هـ) أن امرأة سوداء كانت تنظف المسجد في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلم فلما ماتت قام النبي صلّى الله عليه وسلم على قبرها، وذلك تقديرا واحتراما لها (?) ، ويشير ابن حجر (ت 854 هـ) إلى: «أن تميم الداري وفد مع مولى له يقال له «فتح» إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنه أسرج فيه بالقنديل والزيت، وكانوا لا يسرجون قبل ذلك إلا