الولاة يأخذون رواتبهم «عينية» وليست نقدية، فراتب عتاب كان يتضمن بالإضافة إلى النقود شيئا عينيّا «بردين معقدين» وقد يكون الراتب عينيّا، إذا استعمل النبي صلّى الله عليه وسلم قيس بن مالك الهمذاني على قومه، وخصص له قطعة من الأرض يأخذ نتاجها، وكتب له النبي صلّى الله عليه وسلم كتابا جاء فيه «فأقطعه النبي من ذرة يسار مائتي صاع، ومن زبيب خيوان مائتي صاع جار ذلك لك ولعقبك من بعدك أبدا أبدا» (?) . ويفيد النص أيضا أن النبي صلّى الله عليه وسلم فرض راتبا لورثة الموظف بعد موته وهذه إشارة إلى وجود نوع من الضمان الاجتماعي في هذه الفترة المبكرة من تاريخ الإسلام.

وعند تحديد الرواتب كانت تراعى حالة الموظف العائلية، فكان الأهل «المتزوج» يعطى حظين، و «الأعزب» يعطى حظّا واحدا (?) ، وهذا يشعر بشكل واضح إلى وجود بعض العلاوات في الراتب في حالة وجود الزوجة والأولاد في هذه الفترة المبكرة من تاريخ الإسلام.

وأخذت الدولة على عاتقها توفير الضروريات الحياتية للموظف، ويشير إلى ذلك الإمام أحمد (ت 241 هـ) في مسنده فذكر حديث الرسول صلّى الله عليه وسلم إذ يقول: «من ولي لنا عملا وليس له منزل فليتّخذ منزلا، أو ليس له زوجة فليتزوج، أو ليس له دابة فليتخذ دابة» (?) فكانت هذه الحوافز كافية لتوفير حالة الاستقرار النفسي للموظف كي يقوم بعمله على أكمل وجه.

وكان النبي صلّى الله عليه وسلم قد خصص رزقا لرجال إدارته حتى ولو كانوا أغنياء، ولم يقبل أن تكون عمالة أحدهم صدقة على المسلمين، فتشير المصادر «أن عبد الله بن السعدي (?) (ت 57 هـ) قدم على عمر في خلافته، فقال له عمر: ألم أحدث أنك تلي في أعمال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015