ِ) قَالَ تَعَالَى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} [الواقعة: 28] سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى وَجْهِ وَادٍ بِالطَّائِفِ فَأَعْجَبَهُمْ سِدْرُهُ فَقَالُوا: يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ هَذَا. وَهَلِ الْمَخْضُودُ الَّذِي لَا شَوْكَ فِيهِ أَوْ الْمُوَقَّرُ حَمْلُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ: هُمَا وَقَالَ تَعَالَى: {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ} [سبأ: 16] قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ بِسُكُونِ الْكَافِ، وَقَرَأَ غَيْرُهُمَا بِضَمِّهَا، وَقَرَأَ غَيْرُ أَبِي عَمْرٍو (أُكُلٍ) بِالتَّنْوِينِ وَقَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو بِإِضَافَتِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْجُمْهُورُ: الْخَمْطُ الْأَرَاكُ، وَقِيلَ: كُلُّ شَجَرَةٍ ذَاتِ شَوْكٍ، وَقِيلَ: نَبْتٌ طَعْمُهُ مُرٌّ فَعَلَى هَذَا الْخَمْطُ اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ فَتَحْسُنُ قِرَاءَةُ مَنْ نَوَّنَ الْأُكُلَ وَعَلَى مَا قَبْلَهُ هُوَ اسْمُ شَجَرَةٍ وَالْأُكُلُ ثَمَرُهَا فَتَحْسُنُ قِرَاءَةُ مَنْ أَضَافَ. وَالْأَثْلُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ الطَّرْفَاءُ، وَقِيلَ: شَجَرٌ يُشْبِهُهُ، وَقِيلَ: السَّمَرُ {وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} [سبأ: 16] .
وَهُوَ شَجَرَةُ النَّبْقِ أَيْ كَانَ الْخَمْطُ وَالْأَثْلُ أَكْثَرَ مِنْ السِّدْرِ {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ} [سبأ: 17] يُقَالُ فِي أَفْصَحِ اللُّغَةِ: جَزَى اللَّهُ الْمُؤْمِنَ وَلَا يُقَالُ جَازَاهُ فَقِيلَ: جَازَاهُ أَيْ كَافَأَهُ فَالْكَافِرُ يُجَازَى بِسَيِّئَاتِهِ مِثْلَهَا مُكَافَأَةً لَهُ، وَالْمُؤْمِنُ يُزَادُ فِي ثَوَابِهِ