وَأَنْ يُجْعَلَ مَعَ السَّوِيقِ فِي جِرَارٍ جُدُدٍ وَيُسْتَقْطَرَ وَقَدْ يَصْفُو إذَا أُلْقِيَ فِيهِ الشَّبُّ أَوْ لُبَّ نَوَى الْمِشْمِشِ وَنَحْوِهِ أَوْ الْجَمْرِ الْمُلْتَهِبِ.
وَالْمِيَاهُ الرَّدِيئَةُ يُصْلِحُهَا الْخَلُّ وَنَحْوُهُ وَمَاءُ الْآبَارِ قَلِيلُ اللُّطْفِ وَمَاءُ الْقِنَى الْمَدْفُونَةِ تَحْتَ الْأَرْضِ ثَقِيلٌ لِتَعَفُّنِ أَحَدِهِمَا بِانْحِقَانِهِ وَحَجْبِ الْآخَرِ عَنْ الْهَوَاءِ، وَيَنْبَغِي تَرْكُ شُرْبِهِ حَتَّى يُضَمَّدَ لِلْهَوَاءِ، وَيَأْتِيَ عَلَيْهِ لَيْلَةٌ. وَأَرْدَؤُهُ مَاءُ مَجَارِيهِ مِنْ رَصَاصٍ أَوْ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ خَاصَّةً إنْ كَانَتْ تُرْبَتُهَا رَدِيئَةً.
وَأَمَّا مَاءُ الْبَحْرِ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي مَاءِ الْبَحْرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} [الفرقان: 53] .
أَيْ خَلَّى بَيْنَهُمَا مَعْنَاهُ أَرْسَلَهُمَا فِي مَجَارِيهمَا فَمَا يَلْتَقِيَانِ (هَذَا عَذْبٌ) طَيِّبٌ (فُرَاتٌ) صِفَةٌ لِعَذْبٍ وَهُوَ أَشَدُّ الْمَاءِ عُذُوبَةً (وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) يُقَالُ: مَاءٌ مِلْحٌ وَاسْتَعْمَلَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقِيلَ: هُوَ لُغَةً وَالْأُجَاجُ صِفَةُ الْمِلْحِ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهُوَ الْمُرُّ الشَّدِيدُ الْمَرَارَةِ.
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هُوَ أَشَدُّ الْمَاءِ مُلُوحَةً، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُخَالِطُهُ مَرَارَةٌ {وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا} [الفرقان: 53] أَيْ حَاجِزًا وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ فَهُمَا فِي قُدْرَةِ اللَّهِ مُنْفَصِلَانِ لَا يَخْتَلِطَانِ وَقَدْ يَكُونَانِ