التَّمْرِ مِنْ الْحُلْوِ كَالتَّمْرِ فِي ذَلِكَ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمَاءُ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَيَتَوَجَّهُ بِمِثْلِهِ احْتِمَالٌ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَيَكُونُ خِطَابُ الشَّارِعِ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعَلَى كُلٍّ فَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ.

وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: «كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ إذَا أَكَلَهُ غَضِبَ الشَّيْطَانُ، وَيَقُول: بَقِيَ ابْنُ آدَمَ حَتَّى أَكَلَ الْحَدِيثَ بِالْعَتِيقِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِمَعْنَاهُ وَفِيهِ: «إنَّ الشَّيْطَانَ يَحْزَنُ بَدَلَ الْغَضَبِ» وَمَدَارُ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا عَلَى أَبِي زُكَيْرٍ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، وَقَدْ أَنْكَرَ الْأَئِمَّةُ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ وَغَيْرَهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيُّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَالْمُرَاد: كُلُوا هَذَا مَعَ هَذَا فَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ قَالَ بَعْضُ أَطِبَّاءِ: الْإِسْلَامِ أَمَرَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَلَحَ بَارِدٌ يَابِسٌ وَالتَّمْرَ حَارٌّ رَطْبٌ فَفِي كُلٍّ مِنْهَا إصْلَاحٌ لِلْآخَرِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِأَكْلِ الْبُسْرِ مَعَ التَّمْرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَارٌّ.

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: أَوَّلُ التَّمْرِ طَلْعٌ ثُمَّ خِلَالٌ ثُمَّ بَلَحٌ ثُمَّ بُسْرٌ ثُمَّ رُطَبٌ ثُمَّ تَمْرٌ الْوَاحِدَة بَلَحَةٌ وَبُسْرَةٌ، وَقَدْ أَبْلَحَ النَّخْلُ وَأَبْسَرَ أَيْ: صَارَ مَا عَلَيْهِ بَلَحًا وَبُسْرًا قَالَ الْأَطِبَّاءُ: الْبَلَحُ بَارِدٌ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ يُغْزِرُ الْبَوْلَ، وَشَرَابُهُ يَعْقِلُ الطَّبْعَ خَاصَّةً مَعَ شَرَابٍ قَابِضٍ وَيَمْنَعُ النَّزْفَ وَالسَّيَلَانَ وَالْبَوَاسِيرَ وَيَدْبُغُ الْفَمَ وَاللِّثَةَ وَالْمَعِدَةَ، وَالْإِكْثَارُ مِنْ أَكْلِهِ يُوقِعُ فِي النَّافِضِ وَالْقُشَعْرِيرَةُ وَيَنْفُخُ خَاصَّةً إذَا شُرِبَ الْمَاءُ عَلَى أَثَرِهِ، وَتُدْفَعُ مَضَرَّتُهُ بِالتَّمْرِ أَوْ الْعَسَلِ، وَيَضُرُّ بِالصَّدْرِ وَالرِّئَةِ وَيُصْلِحُهُ الْبَنَفْسَجُ الْمُرَبَّى بَعْدَهُ وَهُوَ بَطِيءٌ فِي الْمَعِدَةِ يَسِيرُ التَّغْذِيَةِ قَالُوا: وَالْبُسْرُ حَارٌّ فِي الْأُولَى يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ: بَارِدٌ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْحُلْوُ مِنْهُ يَمِيلُ إلَى الْحَرَارَةِ وَفِيهِ قَبْضٌ وَكَذَلِكَ طَبِيخُهُ يَحْبِسُ الطَّبْعَ وَيُسْكِنُ اللَّهْثَ مَعَ حِفْظِ الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ. وَالْأَخْضَرُ مِنْهُ أَشَدُّ حَبْسًا لِلطَّبْعِ وَيَدْبُغُ الْمَعِدَةَ وَيَنْفَعُ اللِّثَةَ وَالْفَمَ.

قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مُضِرٌّ بِالْفَمِ وَالْأَسْنَانِ عَسِرُ الْهَضْمِ وَيُوَلِّدُ رِيحًا وَسَدَادًا وَيُصْلِحُهُ السَّكَنْجَبِينُ السَّاذَجُ وَمِنْ ذَلِكَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَشْرَبُ نَقِيعَ التَّمْرِ إذَا أَصْبَحَ وَيَوْمَهُ ذَلِكَ وَعِشَاءً» ، وَدَعَاهُ أَبُو أَسِيدٍ السَّاعِدِيُّ فِي عُرْسِهِ وَامْرَأَتُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015