أَعْقَبَهُ الشَّقِيقَةُ، وَإِنْ مَلَكَ قِمَّةَ الرَّأْسِ وَوَسَطَ الْهَامَةِ أَعْقَبَهُ دَاءُ الْبَيْضَةِ، وَإِنْ بَرَدَ مِنْهُ حِجَابُ الدِّمَاغِ أَوْ سَخِنَ أَوْ تَرَطَّبَ وَهَاجَتْ مِنْهُ أَرْيَاحٌ أَحْدَثَ الْعُطَاسَ، وَإِنْ أَهَاجَ الرُّطُوبَةَ الْبَلْغَمِيَّةَ فِيهِ حَتَّى غَلَبَ الْحَارُّ الْغَرِيزِيُّ أَحْدَثَ الْإِغْمَاءَ وَالسُّكَاتَ، وَإِنْ أَهَاجَ الْمِرَّةَ السَّوْدَاءَ حَتَّى أَظْلَمَ هَوَادُ الدِّمَاغِ أَحْدَثَ الْوَسْوَاسَ، وَإِنْ أَفَاضَ ذَلِكَ إلَى مَجَارِي الْعَصَبِ أَحْدَثَ الصَّرْعَ الطَّبِيعِيَّ، وَإِنْ تَرَطَّبَتْ مَجَامِعُ عَصَبِ الرَّأْسِ وَفَاضَ ذَلِكَ فِي مَجَارِيهِ أَعْقَبَهُ الْفَالِجُ، وَإِنْ كَانَ الْبُخَارُ مِنْ مِرَّةٍ صَفْرَاءَ مُلْتَهِبَةٍ مَحْمِيَّةِ الدِّمَاغِ أَحْدَثَ الْبِرْسَامَ، فَإِنْ شَرِكَهُ الصَّدْرُ فِي ذَلِكَ صَارَ سِرْسَامًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَخْلَاطَ هَائِجَةٌ وَقْتَ الرَّمَدِ وَالْجِمَاعُ يَزِيدُهَا فَإِنَّهُ حَرَكَةٌ كُلِّيَّةٌ لِلْبَدَنِ وَالرُّوحِ وَالطَّبِيعَةِ فَالْبَدَنُ يَسْخَنُ بِالْحَرَكَةِ، وَالنَّفْسُ تَشْتَدُّ حَرَكَتُهَا طَلَبًا لِلَّذَّةِ وَكَمَالِهَا. وَالرُّوحُ تَتَحَرَّك تَبَعًا لِحَرَكَةِ النَّفْسِ وَالْبَدَنِ، فَإِنَّ أَوَّلَ تَعَلُّقِ الرُّوحِ مِنْ الْبَدَنِ بِالْقَلْبِ، وَمِنْهُ تَنْشَأُ الرُّوحُ وَتَنْبَثُّ فِي الْأَعْضَاءِ، وَأَمَّا حَرَكَةُ الطَّبِيعَةِ فَلِأَنَّهَا تُرْسِلَ مَا يَجِبُ إرْسَالُهُ مِنْ الْمَنِيِّ، وَكُلُّ حَرَكَةٍ فَهِيَ مُثِيرَةٌ لِلْأَخْلَاطِ مُرَقِّقَةٌ لَهَا تُوجِبُ دَفْعَهَا وَسَيَلَانَهَا إلَى الْأَعْضَاءِ الضَّعِيفَةِ، وَالْعَيْنُ أَضْعَفُ مَا تَكُونُ حَالَ رَمَدِهَا فَعِلَاجُ الرَّمَدِ بِالْحِمْيَةِ مِمَّا يُهَيِّجُ الرَّمَدَ. وَتَرْكُ الْحَرَكَةِ، وَأَضَرُّهَا حَرَكَةُ الْجِمَاعِ وَتَرْكُ مَسِّ الْعَيْنِ بِالرَّاحَةِ.
قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مِثْلُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مَثَلُ الْعَيْنِ وَدَوَاءُ الْعَيْنِ تَرْكُ مَسِّهَا، وَفِي خَبَرٍ مَرْفُوعٍ: «عِلَاجُ الرَّمَدِ تَقْطِيرُ الْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الْعَيْنِ» وَهُوَ لِلرَّمَدِ الْحَارِّ مِنْ أَعْظَمِ الدَّوَاءِ، وَيَأْتِي خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّمَدَ وَرَمُ الْمُلْتَحِمِ أَوْ تَكَدُّرُهُ، وَقَدْ يَكْفِي فِي نَوْعِ التَّكَدُّرِ تَقْطِيرُ لَبَنِ النِّسَاءِ، وَبَيَاضُ الْبَيْضِ قَالَ الْأَطِبَّاءُ: وَيُدَبَّرُ فِي كُلِّ أَنْوَاعِ الرَّمَدِ بِالتَّدْبِيرِ اللَّطِيفِ؛ فَيُغَذَّى الْمُزَوِّدَاتِ وَيُسْقَى شَرَابَ اللُّوفَرِ مَعَ السَّكَنْجَبِينِ.
وَيُمْنَعُ مِنْ الْحَوَامِضِ الصِّرْفَةِ وَالْقَابِضَةِ وَالْمَالِحَةِ وَعَنْ كُلِّ مَا يُرَطِّبُ وَمِنْ الطَّعَامِ الرَّدِيءِ الْكَيْمُوسُ وَإِنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إلَى الْفَاكِهَةِ فَمِنْ السَّفَرْجَلِ وَالْكُمَّثْرَى. وَيُمْنَعُ مِنْ أَكْلِ الْحَلْوَى وَيُجْعَلُ فِي بَيْتٍ لَيْسَ قَوِيَّ الضَّوْءِ وَيَكُونُ عِنْدَهُ وَرَقُ الْخِلَافِ، وَالْآسُ الرَّطْبُ رَائِحَتُهُ تُقَوِّي الدِّمَاغَ وَيَأْتِي مَا يُسَكِّنُ الْوَجَعَ فِي عِلَاجِ لَدْغَةِ الْعَقْرَبِ، قَالَ