أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّثَهُ بِذَلِكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَرَوَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ الطِّبِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُرْوَةَ وَفِي نُسْخَة عَمْرِو بْنِ سَوْدَةَ قَالَ: جَلَسَ الْمَأْمُونُ لِلنَّاسِ مَجْلِسًا عَامًّا، فَكَانَ فِيمَنْ حَضَرَهُ منجه وهنجه طَبِيبَا الرُّومِ وَالْهِنْدِ إلَى أَنْ قَالَ: فَأَقْبَلَ الْمَأْمُونُ عَلَى إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ فَقَالَ: مَا تَرَى؟ فَقَالَ: ذَكَرَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ تَشْتَكِي فَقَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ الْحِمْيَةُ دَوَاءٌ، وَالْمَعِدَةُ بَيْتُ الْأَدْوَاءِ: وَعَوِّدُوا بَدَنًا مَا اعْتَادَ» فَأَقْبَلَ الْمَأْمُونُ عَلَى منجه وهنجه فَقَالَ: مَا تَقُولَانِ؟ فَقَالَ: هَذَا كَلَامٌ جَامِعٌ وَهُوَ أَصْلُ الطِّبِّ.
وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: الْمَعِدَةُ بَيْتُ الدَّاءِ وَالْحِمْيَةُ رَأْسُ الطِّبِّ، وَالْعَادَة طَبْع ثَانٍ فَعَوِّدُوا بَدَنًا مَا اعْتَادَ. قَالَ شِهَابُ بْنُ عُطَارِدِ بْنِ شِهَابٍ فَحَدَّثْتُ بِهِ بَعْضَ عُلَمَاءِ مُطَبِّبِي هَذَا الزَّمَانِ فَقَالَ: مَا تَرَكَ لَنَا مَا نَتَكَلَّم عَلَيْهِ أَبْلَغ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَلَا أَوْجَزَ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: جَمَعَ هَارُونُ الرَّشِيدُ أَرْبَعَةً مِنْ الْأَطِبَّاء: عِرَاقِيٍّ وَرُومِيٍّ وَهِنْدِيٍّ وَسَوَادِيٍّ، فَقَالَ: لِيَصِفْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ الدَّوَاءَ الَّذِي لَا دَاءَ فِيهِ، فَقَالَ الرُّومِيُّ: هُوَ حَبُّ الرَّشَادِ الْأَبْيَضِ. وَقَالَ الْهِنْدِيُّ: الْمَاءُ الْحَارُّ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: الْهَيْلَجُ الْأَسْوَد، وَكَانَ السَّوَادِيُّ أَبْصَرَهُمْ فَقَالَ لَهُ تَكَلَّمَ، فَقَالَ: حَبُّ الرَّشَادِ يُوَلِّد الرُّطُوبَة، وَالْمَاءُ الْحَارُّ يُرْخِي الْمَعِدَةَ، وَالْهَيْلَجُ الْأَسْوَد يُرِقُّ الْمَعِدَة. فَقَالُوا لَهُ: فَأَنْتَ مَا تَقُول؟ قَالَ: أَقُولُ الدَّوَاءُ الَّذِي لَا دَاءَ فِيهِ أَنْ تَقْعُدَ عَلَى الطَّعَامِ وَأَنْتَ تَشْتَهِيه وَتَقُومَ عَنْهُ وَأَنْتَ تَشْتَهِيه.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ: وَنُقِلَ أَنَّ الرَّشِيدَ كَانَ لَهُ طَبِيبٌ نَصْرَانِيٌّ حَاذِقٌ، فَقَالَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: لَيْسَ فِي كِتَابكُمْ مِنْ عِلْمِ الطِّبِّ شَيْءٌ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنُ وَهُوَ ابْنُ وَاقِدٍ: قَدْ جَمَعَ اللَّهُ الطِّبَّ فِي نِصْفِ آيَةٍ مِنْ كِتَابنَا فَقَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ قَوْله تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31] .