وَقَدْ قَالَ ابْنُ هَانِئٍ الشَّاعِرُ فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي يَرْثِي فِيهَا وَلَدَهُ
حُكْمُ الْمَنِيَّةِ فِي الْبَرِيَّةِ جَارِ ... مَا هَذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ قَرَارِ
بَيْنَمَا يُرَى الْإِنْسَانُ فِيهَا مُخْبِرًا ... حَتَّى يُرَى خَبَرًا مِنْ الْأَخْبَارِ
طُبِعَتْ عَلَى كَدَرٍ وَأَنْتَ تُرِيدُهَا ... صَفْوًا مِنْ الْأَقْذَارِ وَالْأَكْدَارِ
وَمُكَلِّفُ الْأَيَّامِ ضِدَّ طِبَاعِهَا ... مُتَطَلِّبٌ فِي الْمَاءِ جِذْوَةَ نَارِ
الْعَيْشُ نَوْمٌ وَالْمَنِيَّةُ يَقْظَةٌ ... وَالْمَرْءُ بَيْنَهُمَا خَيَالٌ سَارِ
لَيْسَ الزَّمَانُ وَإِنْ حَرَصْت مُسَاعِدًا ... خُلُقُ الزَّمَانِ عَدَاوَةُ الْأَحْرَارِ
وَمِنْهَا:
وَتَلَهُّبُ الْأَحْشَاءِ شَيَّبَ مَفْرِقِي ... هَذَا الضِّيَاءُ شُوَاظُ تِلْكَ النَّارِ
لَا حَبَّذَا الشَّيْبُ الْوَفِيُّ وَحَبَّذَا ... شَرْخُ الشَّبَابِ الْخَائِنِ الْغَدَّارِ
وَطَرِي مِنْ الدُّنْيَا الشَّبَابُ وَرَوْقُهُ ... فَإِذَا انْقَضَى فَقَدْ انْقَضَتْ أَوْطَارِي
وَمِنْهَا:
ذَهَبَ التَّكَرُّمُ وَالْوَفَاءُ مِنْ الْوَرَى ... وَتَصَرَّمَا إلَّا مِنْ الْأَشْعَارِ
وَكَانَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَمَثَّلُ كَثِيرًا بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَذَكَرَهُمَا السُّرُوجِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي شَرْحِهِ فِي الْجَنَائِزِ فِي الْمُصَابِ وَلِابْنِ هَانِئٍ أَيْضًا مِمَّا قَدْ يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ هَذَا الْوَضْعِ:
لَا أَنْتَ عِنْدَ الْيُسْرِ مِنْ زُوَّارِهِ ... يَوْمًا وَلَا فِي الْعُسْرِ مِنْ عُوَّادِهِ
وَلَهُ مِنْهَا:
أَفْدِي الْكِتَابَ بِنَاظِرِي فَبَيَاضُهُ ... بِبَيَاضِهِ وَسَوَادُهُ بِسَوَادِهِ