َ) قَالَ هِشَامُ بْنُ مَنْصُورٍ سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُول تَدْرِي مَا قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ آدَمَ قُلْت: لَا قَالَ: يَجِيئُنِي الرَّجُلُ مِمَّنْ أُبْغِضُهُ وَأَكْرَهُ مَجِيئَهُ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ مَعَهُ حَتَّى أَسْتَرِيحَ مِنْهُ، وَيَجِيءُ الرَّجُلُ الَّذِي أَوَدُّهُ فَأَرُدُّهُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيَّ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ نُعَيْمٍ: لَمَّا خَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إلَى الْمُعْتَصِمِ يَوْمَ ضُرِبَ قَالَ لَهُ الْعَوْنُ الْمُوَكَّلُ بِهِ اُدْعُ عَلَى ظَالِمِك قَالَ لَيْسَ بِصَابِرٍ مَنْ دَعَا عَلَى ظَالِمِهِ يَعْنِي الْإِمَامُ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَظْلُومَ إذَا دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدْ انْتَصَرَ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدْ انْتَصَرَ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَمْزَةَ وَهُوَ مَيْمُونٌ الْأَعْوَرُ، ضَعَّفُوهُ لَا سِيَّمَا فِيمَا رَوَاهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَإِذَا انْتَصَرَ فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَفَاتَهُ الدَّرَجَةُ الْعُلْيَا.
قَالَ تَعَالَى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: 41] إلَى قَوْلِهِ {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 43] .
وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: رَأَيْت فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أَمْضِي إلَى قَبْرِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَإِذَا بِهِ جَالِسٌ عَلَى قَبْرِهِ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرُ السِّنِّ فَقَالَ لِي يَا فُلَانُ قَلَّ أَنْصَارُنَا، وَمَاتَ أَصْحَابُنَا، ثُمَّ قَالَ لِي إذَا أَرَدْت أَنْ تُنْصَرَ فَإِذَا دَعَوْت فَقُلْ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ كُلِّ عَظِيمٍ وَادْعُ بِمَا شِئْت تُنْصَرُ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ ذَكَرْت لِأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَوْمًا بَعْضَ إخْوَانِنَا وَتَغَيَّرَ عَلَيْنَا فَأَنْشَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
وَلَيْسَ خَلِيلِي بِالْمَلُولِ وَلَا الَّذِي ... إذَا غِبْت عَنْهُ بَاعَنِي بِخَلِيلِ
وَلَكِنْ خَلِيلِي مَنْ يَدُومُ وِصَالُهُ ... وَيَحْفَظُ سِرِّي عِنْدَ كُلِّ خَلِيلِ