وَالْحِرْصُ فَقْرٌ وَالْقَنَاعَةُ عِزَّةٌ ... وَالْيَأْسُ مِنْ صُنْعِ الْإِلَهِ قُنُوطُ
وَقَالَ آخَرُ:
فَإِيَّاكَ إيَّاكَ الْمُزَاحَ فَإِنَّهُ ... يُجَرِّئُ عَلَيْك الطِّفْلَ وَالدَّنِسَ النَّذْلَا
وَيُذْهِبُ مَاءَ الْوَجْهِ بَعْدَ بَهَائِهِ ... وَيُورِثُهُ مِنْ بَعْدِ عِزَّتِهِ ذُلَّا
وَقَالَ مَحْمُودُ الْوَرَّاقُ:
تَلَقَّى الْفَتَى أَخَاهُ وَخِدْنَهُ ... فِي لَحْنِ مَنْطِقِهِ بِمَا لَا يُغْفَرُ
وَيَقُولُ كُنْت مُمَازِحًا وَمُلَاعِبًا ... هَيْهَاتَ نَارُك فِي الْحَشَا تَتَسَعَّرُ
أَلْهَبْتهَا وَطَفِقْت تَضْحَكُ لَاهِيًا ... مِمَّا بِهِ وَفُؤَادُهُ يَتَفَطَّرُ
أَوَمَا عَلِمْت وَمِثْلُ جَهْلِك غَالِبٌ ... أَنَّ الْمُزَاحَ هُوَ السِّبَابُ الْأَكْبَرُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمُزَاحُ الدُّعَابَةُ وَقَدْ مَزَحَ يَمْزَحُ وَالِاسْمُ الْمُزَاحُ وَالْمُزَاحَةُ أَيْضًا، وَأَمَّا الْمِزَاحُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ مَصْدَرُ مَازَحَهُ. وَهُمَا يَتَمَازَحَانِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالُوا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدُومَ لَهُ وُدُّ أَخِيهِ فَلَا يُمَازِحْهُ وَلَا يَعِدْهُ مَوْعِدًا فَيُخْلِفَهُ.
وَسَبَقَ الْكَلَامُ فِي ضَحِكِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فِي فُصُولِ التَّوْبَةِ فِي أَنَّ سَيِّئَةَ التَّائِبِ هَلْ تُبَدَّلُ حَسَنَةً، «وَقَدْ ضَحِكَ الْمِقْدَادُ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أُلْقِيَ إلَى الْأَرْضِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَادِ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ فِي آدَابِ الْأَطْعِمَةِ.
وَرَوَى ابْنُ الْأَخْضَرِ فِيمَنْ رَوَى عَنْ أَحْمَدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَصْبَهَانِيِّ أَحْمَدَ بْنِ الْفُرَاتِ قَالَ كُنَّا نَتَذَاكَرُ الْأَبْوَابَ فَخَاضُوا فِي بَابٍ فَجَاءُوا فِيهِ بِخَمْسَةِ أَحَادِيثَ قَالَ فَجِئْتهمْ بِسَادِسٍ فَنَخَسَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي صَدْرِي لِإِعْجَابِهِ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي أَوَائِلِ صَيْدِ الْخَاطِرِ مَا أَعْرِفُ لِلْعَالِمِ قَطُّ لَذَّةً وَلَا عِزًّا وَلَا شَرَفًا وَلَا رَاحَةً وَسَلَامَةً أَفْضَلَ مِنْ الْعُزْلَةِ فَإِنَّهُ يَنَالُ بِهَا سَلَامَةَ بَدَنِهِ وَدِينِهِ