وَإِدَامًا وَفَاكِهَةً، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَقَاقِيرِ، ثُمَّ إرْخَاءَ السَّحَابِ بِالْغُيُوثِ فِي زَمَنِ الْحَاجَاتِ ثُمَّ تَطْيِيبَ الْأَمْزِجَةِ وَإِحْيَاءَ النَّبَاتِ، وَخَلْقَ هَذِهِ الْأَبْنِيَةِ عَلَى أَحْسَنِ إتْقَانٍ، وَتَسْخِيرَ الرِّيَاحِ وَالنَّسِيمِ الْمُعَدِّ لِلْأَنْفَاسِ، إلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ النِّعَمِ، ثُمَّ نِعْمَةَ الْعَقْلِ وَالذِّهْنِ ثُمَّ سَائِرَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى الصَّانِعِ، ثُمَّ إنْزَالَ الْكُتُبِ الَّتِي تَحُثُّ عَلَى الطَّاعَاتِ وَتَرْدَعُ عَنْ الْمُخَالَفَةِ، ثُمَّ اللُّطْفَ بِالْمُكَلَّفِ، وَإِبَاحَةَ الشِّرْكِ مَعَ الْإِكْرَاهِ، وَأَمَرَ بِالْجُمُعَةِ فَضَايَقُوهُ فِي سَاعَةِ السَّعْي بِنَفْسِ مَا نَهَى عَنْهُ مِنْ الْبَيْعِ فِي أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ، وَعَظَّمُوا كُلَّ مَا هَوَّنَهُ وَارْتَكَبُوا كُلَّ مَا هَوَّنَهُ حَتَّى اسْتَخَفُّوا بِحُرْمَةِ كِتَابِهِ، فَأَنَا أَسْتَقِلُّ لَهُمْ كُلَّ مِحْنَةً.

وَقَالَ أَيْضًا: لَا تَتِمُّ الرُّجْلَةُ فِي الْعَبْدِ حَتَّى يَكُونَ فِي مَقَامِ اخْتِلَالِ أَحْوَالِهِ، وَإِشْبَاطِ أَخْلَاطِهِ وَأَفْرَاحِهِ، وَتَسَلُّطِ أَعْدَائِهِ ثَابِتًا بِثُبُوتِ الْمُتَلَقِّي وَالْمُتَوَقِّي، فَيَتَلَقَّى النِّعَمَ بِالشُّكْرِ لَا بِالْبَطَرِ، مُتَمَاسِكًا عَنْ تَحَرُّكِ الرَّعَنِ، وَعِنْدَ الْمَصَائِبِ مُسْتَسْلِمًا نَاظِرًا إلَى الْمُبْتَلَى بِعَيْنِ الْكَمَالِ، وَعِنْدَ اشْتِطَاطِ الْغَضَبِ مُتَلَقِّيًا بِالْحُكْمِ، وَعِنْدَ الشَّهَوَاتِ مُسْتَحْضِرًا لِلْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، فَسُبْحَانَ مَنْ كَمَنَ جَوَاهِرَ الرِّجَالِ فِي هَذِهِ الْأَجْسَادِ، ثُمَّ أَظْهَرَهَا بِابْتِلَائِهِ لِيُعْطِيَ عَلَيْهَا جَزِيلَ ثَوَابِهِ، وَيَجْعَلَهَا حُجَّةً عَلَى بَقِيَّةِ عِبَادِهِ.

وَقَالَ: زِنُوا أَنْفُسَكُمْ: مِنْ الْمَبَادِئِ مَاءٌ وَطِينٌ، وَفِي الثَّوَانِي مَاءٌ مَهِينٌ، وَفِي الْوَسَطِ عَبِيدٌ مَحَاوِيج لَوْ حُبِسَ عَنْكُمْ نَسِيمُ الْهَوَاءِ لَأَصْبَحْتُمْ جِيَفًا، وَلَوْ مُكِّنَتْ مِنْكُمْ الْبُقُوقُ عَنْ السِّبَاعِ لَأَكَلَتْكُمْ، كُونُوا مُتَعَرِّفِينَ لَا عَارِفِينَ.

وَقَالَ لَنَا: عِنْدَك ذَخَائِرُ وَوَدَائِعُ بِاَللَّهِ لَا تَضَعْهَا فِي التُّرَّهَاتِ، وَدُمُوعٌ وَدِمَاءٌ وَنُفُوسٌ، بِاَللَّهِ لَا تَجْرِي الدُّمُوعَ إلَّا عَلَى مَا فَاتَ وَيَفُوتُ، وَلَا تُرِقْ الدِّمَاءَ، إلَّا فِي مُكَافَحَةِ الْأَعْدَاءِ، وَإِعْلَاءِ كَلِمَتِنَا، وَأَنْفَاسٌ مِنْ نَفَائِسِ الذَّخَائِرِ، فَبِحَقِّنَا لَا تَتَنَفَّسْ الصُّعَدَاءَ إلَّا فِي الشَّوْقِ إلَيْنَا، وَالتَّأَسُّفِ عَلَيْنَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015