ْ) بَاتَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَجُلٌ فَوَضَعَ عِنْدَهُ مَاءً قَالَ الرَّجُلُ: فَلَمْ أَقُمْ بِاللَّيْلِ وَلَمْ اسْتَعْمِلْ الْمَاءَ، فَلَمَّا أَصْبَحْت قَالَ لِي: لِمَ لَا تَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ؟ فَاسْتَحْيَيْت وَسَكَتُّ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا سَمِعْت بِصَاحِبِ حَدِيثٍ لَا يَقُومُ بِاللَّيْلِ.
وَجَرَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مَعَهُ لِرَجُلٍ آخَرَ، فَقَالَ لَهُ: أَنَا مُسَافِرٌ قَالَ: وَإِنْ كُنْتَ مُسَافِرًا. حَجَّ مَسْرُوقٌ فَمَا نَامَ إلَّا سَاجِدًا.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فِيهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ تَرْكُ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَإِنْ كَانُوا مُسَافِرِينَ.
وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ: يَنْبَغِي لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنْ يُنْزِلُوهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ يَعْلَمُونَ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً.
وَقَالَ سُفْيَانُ فِي الْإِنْجِيلِ: لَا تَطْلُبُوا عِلْمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا حَتَّى تَعْمَلُوا بِمَا قَدْ عَلِمْتُمْ.
وَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَسْمَعُ الْبَابَ مِنْ أَبْوَابِ الْعِلْمِ فَيَعْلَمُهُ فَيَعْمَلُ بِهِ، فَيَكُونُ خَيْرًا لَهُ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، لَوْ كَانَتْ لَهُ فَوَضَعَهَا فِي الْآخِرَةِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ بَدِيلٍ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ نَكْتُبُ الْحَدِيثَ فَمَا يُسْمَعُ إلَّا صَوْتُ قَلَمٍ أَوْ بَاكٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَانَ أَبِي، سَاعَةَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ يَنَامُ نَوْمَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ يَقُومُ إلَى الصَّبَاحِ يُصَلِّي وَيَدْعُو.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ شِمَاسٍ: كُنْت أَعْرِفُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَهُوَ غُلَامٌ وَهُوَ يُحْيِي اللَّيْلَ.