(وَالثَّانِيَةُ) لَا تَصِحُّ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] :
فَوَعَدَ بِغُفْرَانِ الصَّغَائِرِ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ، فَإِذَا ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ أُخِذَ بِالْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ شَاقِلَا وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مَحْبُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222] . وَيَكُونُ فِي حَالِ مَا هُوَ مَحْبُوبٌ يَفْعَلُ مَا هُوَ مَمْقُوتٌ.
وَرَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ الْأَغَرِّ بْنِ يَسَارٍ الْمُزَنِيّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنِّي أَتُوبُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَقَالَ: " سَبْعِينَ مَرَّةً " وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «وَاَللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتُوبُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» .
وَلِأَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ مِسْكِينٍ وَالْمُبَارَكُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِأَسِيرٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَتُوبُ إلَيْكَ وَلَا أَتُوبُ إلَى مُحَمَّدٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَفَ الْحَقَّ لِأَهْلِهِ،» مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلَمْ يَسْمَعْ الْحَسَنُ مِنْ الْأَسْوَدِ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَأَنَسٍ مَرْفُوعًا «لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَعْذَرَ اللَّهُ إلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً» وَإِنْ جَهِلَهُ تَابَ مُجْمَلًا، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ تَوْبَةٌ عَامَّةٌ وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ التَّوْبَةَ