بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْحَاءِ أَيْ كَثِيرَ اللَّحْنِ فِي كَلَامِهِ، وَرُوِيَ لُحْنَةً بِضَمِّ اللَّامِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ، وَرُوِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْضًا وَهُوَ بِمَعْنَى التَّسْكِينِ وَقِيلَ بَلْ هُوَ الَّذِي يُخَطِّئُ النَّاسَ قَالَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ: وَكَانَ الْقَاسِمُ لِأُمِّ وَلَدٍ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ مَا لَكَ لَا تُحَدِّثَ كَمَا يَتَحَدَّثُ ابْنُ أَخِي هَذَا؟ أَمَا إنِّي قَدْ عَلِمْتُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟ هَذَا أَدَّبَتْهُ أُمُّهُ، وَأَنْتَ أَدَّبَتْكَ أُمُّكَ قَالَ فَغَضِبَ الْقَاسِمُ وَأَضَبَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ أَيْ حَقَدَ فَلَمَّا رَأَى مَائِدَةَ عَائِشَةَ قَدْ أُتِيَ بِهَا قَامَ، قَالَتْ أَيْنَ؟ قَالَ: أُصَلِّي. قَالَتْ: اجْلِسْ قَالَ: إنِّي أُصَلِّي، قَالَتْ: اجْلِسْ غُدَرُ إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ» غُدَرُ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ. أَيْ يَا غَادِرُ وَهُوَ تَرْكُ الْوَفَاءِ، وَيُقَالُ لِمَنْ غَدَرَ غَادِرٌ وَغُدَرُ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي النِّدَاءِ بِالشَّتْمِ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَإِنَّمَا قَالَتْ لَهُ غُدَرُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِاحْتِرَامِهَا لِأَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَعَمَّتُهُ وَأَكْبَرُ مِنْهُ وَنَاصِحَةٌ لَهُ وَمُؤَدِّبَةٌ فَكَانَ حَقَّهُ أَنْ يَحْتَمِلَهَا وَلَا يَغْضَبَ عَلَيْهَا انْتَهَى كَلَامُهُ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُسْتَفِيدِ أَنْ يَصْبِرَ وَيَحْتَمِلَ وَلَا يَغْضَبَ لِئَلَّا يَفُوتَهُ الْعِلْمُ وَلَا يُكْثِرَ مُخَالَفَتَهُ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَحْرًا وَكَانَ كَثِيرًا مَا يُخَالِفُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَحُرِمَ لِذَلِكَ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِلْمًا كَثِيرًا، وَسَأَلَ ابْنُ سِيرِينَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ إطَالَةِ الْقِرَاءَةِ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ، فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ» قُلْتُ: لَسْتُ عَنْ هَذَا أَسْأَلُكَ.
فَقَالَ: إنَّك لَضَخْمٌ أَلَا تَدَعُنِي أَسْتَقْرِئُ لَكَ الْحَدِيثَ؟ ثُمَّ ذَكَرَهُ فِيهِ تَأْدِيبُ السَّائِلِ وَالتِّلْمِيذِ.
وَقَوْلُهُ بِهِ بِهِ بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ، وَهَاءٍ سَاكِنَةٍ مُكَرَّرٍ، قِيلَ مَعْنَاهُ: مَهْ مَهْ زَجْرٌ وَكَفٌّ.
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هِيَ لِتَفْخِيمِ الْأَمْرِ مَعْنَاهُ بَخٍ بَخٍ، وَقَوْلُهُ إنَّك لَضَخْمٌ إشَارَةٌ إلَى الْغَبَاوَةِ وَقِلَّةِ الْأَدَبِ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ يَكُونُ غَالِبًا وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَطَعَ كَلَامَهُ وَعَاجَلَهُ، وَقَوْلُهُ أَسْتَقْرِئُ