جَلَسْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمَقْبَرَةِ وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ وَكُنْتُ أُسَائِلُهُ وَيُجِيبُنِي قَالَ الْخَلَّالُ: وَكُنْتُ أَمْضِي مَعَ الْمَرُّوذِيِّ إلَى الْمَقَابِرِ وَيُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ وَنَحْنُ قُعُودٌ بَيْنَ الْقُبُورِ إلَى أَنْ يُفْرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ إنَّ الَّذِي يُفْتِي النَّاسَ يَتَقَلَّدُ أَمْرًا عَظِيمًا، أَوْ قَالَ يُقْدِمُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، يَنْبَغِي لِمَنْ أَفْتَى أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِقَوْلِ مَنْ تَقَدَّمَ وَإِلَّا فَلَا يُفْتِي وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ لَيْسَ لَهُ فِيهِ إمَامٌ أَخَافُ عَلَيْهِ الْخَطَأَ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا نَزَالُ نَتَعَلَّمُ مَا وَجَدْنَا مَنْ يُعَلِّمُنَا وَقَالَ أَحْمَدُ نَحْنُ إلَى السَّاعَةِ نَتَعَلَّمُ. وَسَأَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ «أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ» مَا مَعْنَاهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُفْتِي بِمَا لَمْ يَسْمَعْ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْبٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُفْتِي بِغَيْرِ عِلْمٍ قَالَ يُرْوَى عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: يَمْرُقُ مِنْ دِينِهِ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ أَنَّ رَجُلًا تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: هَذَا مِنْ حُبِّهِ الدُّنْيَا يُسْأَلُ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ فَيَحْمِلُ نَفْسَهُ عَلَى الْجَوَابِ، وَنَحْوُ هَذَا عَنْ حَمَّادٍ وَقَالَ كُنْتُ أُسَائِلُ إبْرَاهِيمَ عَنْ الشَّيْءِ فَيَعْرِفُ فِي وَجْهِي أَنِّي لَمْ أَفْهَمْ فَيُعِيدُهُ حَتَّى أَفْهَمَ. رَوَى ذَلِكَ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدَّثَ رَجُلًا بِحَدِيثٍ فَاسْتَفْهَمَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ الصِّدِّيقُ؟ هُوَ كَمَا حَدَّثْتُكَ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إذَا قُلْتُ بِمَا لَا أَعْلَمُ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ أَفْتَى بِفُتْيَا غَيْرَ ثَبْتٍ فِيهَا فَإِنَّمَا إثْمُهُ عَلَى الَّذِي أَفْتَاهُ» .
وَفِي لَفْظٍ «مَنْ أَفْتَى بِفُتْيَا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ إثْمُ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي أَفْتَاهُ» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَرَوَى الثَّانِيَ أَبُو دَاوُد وَالْأَوَّلَ ابْنُ مَاجَهْ وَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ لَهُ طُرُقٌ مَذْكُورَةٌ فِي حَوَاشِي الْمُنْتَقَى.
وَقَالَ مُسْلِمٌ الْبَطِينُ عَنْ عُزْرَةَ التَّمِيمِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: وَأَبْرَدُهَا عَلَى الْكَبِدِ