وَلَا ضَاقَ فَضْلُ اللَّهِ عَنْ مُتَعَفِّفٍ ... وَلَكِنَّ أَخْلَاقَ الرِّجَالِ تَضِيقُ
وَقَالَ آخَرُ:
إذَا كُنْتَ فِي دَارٍ فَحَاوَلْتَ رِحْلَةً ... فَدَعْهَا وَفِيهَا إنْ أَرَدْتَ مَعَادُ
وَقَالَ آخَرُ:
اصْبِرْ عَلَى حَدَثِ الزَّمَانِ فَإِنَّمَا ... فَرَجُ الشَّدَائِدِ مِثْلُ حَلِّ عِقَالِ
فَإِذَا خَشِيتَ تَعَذُّرًا فِي بَلْدَةٍ ... فَاشْدُدْ عَلَيْك بِعَاجِلِ التَّرْحَالِ
إنَّ الْمُقَامَ عَلَى الْهَوَانِ مَذَلَّةٌ ... وَالْعَجْزُ آفَةُ حِيلَةِ الْمُحْتَالِ
وَقِيلَ:
لَا يَمْنَعَنَّك خَفْضُ الْعَيْشِ فِي دَعَةٍ ... نُزُوعَ نَفْسٍ إلَى أَهْلٍ وَأَوْطَانِ
تَلْقَى بِكُلِّ بِلَادٍ إنْ نَزَلْتَ بِهَا ... أَهْلًا بِأَهْلٍ وَجِيرَانًا بِجِيرَانِ
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حِينَ رَحَلَ مِنْ إشْبِيلِيَّةَ:
وَقَائِلَةٍ مَالِي أَرَاك مُرَحَّلَا ... فَقُلْتُ لَهَا صَبْرًا وَاسْمَعِي الْقَوْلَ مُجْمَلَا
تَنَكَّرَ مَنْ كُنَّا نُسَرُّ بِقُرْبِهِ ... وَعَادَ زُعَاقًا بَعْد مَا كَانَ سَلْسَلَا
وَحُقَّ لِجَارٍ لَمْ يُوَافِقْهُ جَارُهُ ... وَلَا لَايَمَتْهُ الدَّارُ أَنْ يَتَرَحَّلَا
أَلَيْسَ بِحَزْمٍ مَنْ لَهُ الظِّلُّ مَقْعَدٌ ... إذَا أَدْرَكَتْهُ الشَّمْسُ أَنْ يَتَحَوَّلَا
بُلِيت بِحِمْصٍ وَالْمُقَامُ بِبَلْدَةٍ ... طَوِيلًا لَعَمْرِي مُخْلِقٌ يُورِثُ الْبِلَا
إذَا هَانَ حُرٌّ عِنْدَ قَوْمٍ أَتَاهُمْ ... وَلَمْ يَنْأَ عَنْهُمْ كَانَ أَعْمَى وَأَجْهَلَا
وَلَمْ تُضْرَبْ الْأَمْثَالُ إلَّا لِعَالِمٍ ... وَلَا غُرِّبَ الْإِنْسَانُ إلَّا لِيَعْقِلَا