ِ) قَالَ الْخَلَّالُ: (كَرَاهِيَةُ الْجُلُوسِ فِي وَسَطِ الْحَلَقَةِ) أَنْبَأَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: رَأَيْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا كَانَ فِي الْحَلَقَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَعَدَ خَلْفَهُ يَتَأَخَّرُ يَعْنِي يَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ وَسَطَ الْحَلَقَةِ لِمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. انْتَهَى كَلَامُهُ وَيَتَوَجَّهُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْخَلَّالِ فَإِنَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَعْنَ مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الْحَلَقَةِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مَخْلَدٍ عَنْ حُذَيْفَةَ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: إذَا جَلَسَ فِي وَسَطِهَا اسْتَدْبَرَ بَعْضَهُمْ بِظَهْرِهِ فَيُؤْذِيهِمْ بِذَلِكَ وَيَسُبُّونَهُ وَيَلْعَنُونَهُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «لَا حِمَى إلَّا فِي ثَلَاثٍ» وَذَكَرَ مِنْهَا حَلَقَةَ الْقَوْمِ أَيْ لَهُمْ أَنْ يَحْمُوهَا حَتَّى لَا يَتَخَطَّاهُمْ أَحَدٌ وَلَا يَجْلِسَ وَسَطَهَا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْلِسَ حَيْثُ انْتَهَى بِهِ الْمَجْلِسُ لِلْأَخْبَارِ فَإِنْ قَامَ لَهُ أَحَدٌ عَنْ مَجْلِسِهِ فَفِي كَرَاهَةِ إيثَارِهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ فَإِنْ كُرِهَ فَفِي كَرَاهَةِ الْقَبُولِ خِلَافٌ بَيْنَ الْأَصْحَابِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُحَرِّمُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي بَكْرَةَ رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَفِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ تَفَرَّدَ عَنْهُ عَقِيلُ بْنُ طَلْحَةَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَوْلًى لِآلِ أَبِي بُرْدَةَ تَفَرَّدَ عَنْهُ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا.
وَرَوَى عَامِرٌ الْأَحْوَلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «لَا يُجْلَسُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إلَّا بِإِذْنِهِمَا» .
وَرَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إلَّا بِإِذْنِهِمَا» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَهُمَا حَدِيثَانِ حَسَنَانِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ الثَّانِيَ وَحَسَّنَهُ.