وَبَيْنَ مَعَاصِيهِ بِلُطْفِهِ. وَمَنِّهِ، أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ بِمَا أَطَالَ بِهِ بَقَاءَ الْمُطِيعِينَ وَأَعْطَاكَ مِنْ الْعَطَاءِ بِمَا أَعْطَى الْمُصْلِحِينَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُضَمِّنُهُ بِشَيْءٍ إلَّا أَنَّهُ يَدْعُو بِغَيْرِ دُعَاءِ الْكُتَّابِ فَيَقُولُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ وَأَكْرَمَ مَثْوَاكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَسْتَجِيزُ الدُّعَاءَ بِطُولِ الْبَقَاءِ وَيَكْتُبُ أَكْرَمَكَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ وَتَوَلَّاكَ بِحِفْظِهِ وَحُسْنِ كِلَاءَتِهِ، وَأَسْعَدَكَ بِمَغْفِرَتِهِ، وَأَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ. وَجَمَعَ لَكَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِرَحْمَتِهِ، وَفِي مِثْلِهِ: تَوَلَّاكَ اللَّهُ مَنْ يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَكَانَ لَكَ مَنْ هُوَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، وَمِثْلُهُ: أَكْرَمَكَ اللَّهُ وَأَكْرَمَ عَنْ النَّارِ وَجْهَكَ، وَزَيَّنَ بِالتَّقْوَى عَمَلَكَ وَمِثْلُهُ أَكْرَمَكَ اللَّهُ كَرَامَةً تَكُونُ لَكَ فِي الدُّنْيَا عِزًّا، وَفِي الْآخِرَةِ مِنْ النَّارِ حِرْزًا.
وَسُئِلَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مَعْنَى " أَمَّا بَعْدُ " فَذَكَرَ قَوْلَ سِيبَوَيْهِ: مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي حَدِيثٍ وَأَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِهِ قَالَ أَمَّا بَعْدُ وَعَلَى هَذَا النَّحْوِيُّونَ وَلِهَذَا لَمْ يُجِيزُوا فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ أَمَّا بَعْدُ، وَقِيلَ أَمَّا بَعْدُ. فَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيهِ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ، وَقِيلَ بَلْ هُوَ عِلْمُ الْقَضَاءِ، وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَمَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْعُرُوبَةُ، وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ أَمَّا بَعْدًا بِالنَّصْبِ وَالتَّنْوِينِ، وَأَمَّا بَعْدٌ بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ، وَأَجَازَ ابْنُ هِشَامٍ أَمَّا بَعْدَ بِفَتْحِ الدَّالِ، وَيَقُولُ أَمَّا بَعْدُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي كَذَا وَأَجْوَدُ مِنْهُ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي نَظَرْتُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ.
وَلَك أَنْ تَقُولَ أَمَّا بَعْدُ فَأَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ إنِّي، وَفَإِنِّي، وَإِنِّي، وَثُمَّ إنِّي، وَأَمَّا بَعْدُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ فَإِنِّي، وَأَمَّا بَعْدُ ثُمَّ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ ثُمَّ إنِّي، وَبَقَاؤُكَ مَصْدَرٌ مِنْ بَقِيَ، وَإِنْ أَخَذْتُهُ مِنْ أَبْقَى قُلْتُ أَبْقَاكَ اللَّهُ فَإِنْ ثَنَّيْتَ بَقَاءً أَوْ جَمَعْتَهُ قُلْتَ بَقَاءَكُمَا وَبَقَاءَكُمْ وَبَقَاءَكُنَّ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَإِنْ جَعَلْتَ بَقَاءً مُخَالِفًا لِبَقَاءٍ قُلْتَ بَقَاءً كَمَا وَأَبْقَيْتُمْ.