الْمَعْنَى إذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتَ غَيْرِكُمْ فَسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ وَقَالَ كَقَوْلِ الشَّيْخِ وَجِيهِ الدِّينِ مَنْ قَالَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَعَطَاءٍ.
وَإِنْ دَخَلَ عَلَى جَمَاعَةٍ فِيهِمْ عُلَمَاءُ سَلَّمَ عَلَى الْكُلِّ ثُمَّ سَلَّمَ عَلَى الْعُلَمَاءِ سَلَامًا ثَانِيًا، ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ خِلَافُهُ وَيُتَوَجَّهُ كَمَا ذَكَرَ الْقَرِيبَ وَالصَّالِحَ وَنَحْوَهُمَا.
وَيَجُوزُ تَعْرِيفُ السَّلَامِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَتَنْكِيرُهُ عَلَى الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ تَنْكِيرُهُ أَفْضَلُ وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّاءِ سَلَامُ التَّحِيَّةِ مُنَكَّرٌ وَسَلَامُ الْوَدَاعِ مُعَرَّفٌ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ سَلَامُ الْأَحْيَاءِ مُنَكَّرٌ وَسَلَامُ الْأَمْوَاتِ مُعَرَّفٌ، كَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -. وَقِيلَ عَكْسُهُ، أَمَّا سَلَامُ الرَّدِّ فَمُعَرَّفٌ وَجَعَلَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ أَصْلًا فِي الْمَسْأَلَةِ فَدَلَّ أَنَّ تَعْرِيفَهُ لِلِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ وَاضِحٌ.
وَعَنْ أَبِي جُرَيٍّ الْهُجَيْمِيِّ قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لَا تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلَامُ فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى» إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ بَابَ كَرَاهِيَةِ أَنْ يَقُولَ: عَلَيْكَ السَّلَامُ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يُكْرَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ بِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَجِبُ الرَّدُّ لِأَنَّهُ سَلَامٌ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ «إذَا لَقِيَ الرَّجُلُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فَلْيَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» ثُمَّ رَدَّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " فَهَذَا مِنْ كَلَامِ أَبِي دَاوُد وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِنَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الِابْتِدَاءِ بِهِ، وَيُجَابُ لَكِنْ لَا عَلَى الْوُجُوبِ لِعَدَمِ دَلِيلِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِتَحِيَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَرَدَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُبَيِّنَّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الرَّدُّ، أَوْ اسْتِحْبَابًا لَكِنْ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَعْرِفُ لَا مُطْلَقًا، وَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ كَلَامُ أَبِي الْمَعَالِي قَالَ أَبُو الْبَرَكَاتِ: إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ إشَارَةً مِنْهُ إلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ بَيْنَهُمْ فِي