وَفِي مَسَائِلِ هَذَا الْفَصْلِ أَحَادِيثُ مَشْهُورَةٌ وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي (بَابِ مَنْ رَدَّ عَنْ مُسْلِمٍ غِيبَةً) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْجَرِيرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُشَمِيِّ حَدَّثَنَا جُنْدُبٌ قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ ثُمَّ عَقَلَهَا ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَثَارَ رَاحِلَتَهُ، فَأَطْلَقَهَا، ثُمَّ رَكِبَ، ثُمَّ نَادَى اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تُشْرِكْ فِي رَحْمَتِنَا أَحَدًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَقُولُونَ هُوَ أَضَلُّ أَمْ بَعِيرُهُ؟ أَلَمْ تَسْمَعُوا إلَى مَا قَالَ؟ الْجُشَمِيُّ» تَفَرَّدَ عَنْهُ الْجَرِيرِيُّ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ نَصْرَ الْمَظْلُومِ وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فِي شَيْءٍ آخَرَ وَإِنَّ ظُلْمَهُ فِي شَيْءٍ لَا يَمْنَعُ نَصْرَهُ عَلَى ظَالِمِهِ فِي شَيْءٍ آخَرَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَدِلَّةِ.

وَقَالَ الْخَلَّالُ: بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ مُعَاوَنَةِ الظَّالِمِ قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ جَحَدَ آخَرَ مِيرَاثًا لَهُ فِي يَدَيْهِ ثُمَّ عَدَا عَلَيْهِ رَجُلٌ آخِر وَظَلَمَهُ فِي شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ هَذَا الْمِيرَاثِ وَلَهُ قَرَابَةٌ فَاسْتَغَاثَهُمْ عَلَى ظَالِمِهِ فَقَالُوا: إنَّا نَخَافُ أَنْ نُعِينَك عَلَى ظُلَامَتِك هَذِهِ فَلَسْنَا بِفَاعِلِينَ حَتَّى تَرُدَّ إلَى أُخْتِكَ مِيرَاثَهَا، فَإِنْ فَعَلْتَ أَعَنَّاك عَلَى هَذَا الَّذِي ظَلَمَك قَالَ: مَا أَعْرِفُ مَا تَقُولُونَ وَمَا لِهَذِهِ عِنْدِي مِيرَاثٌ. فَقَالَ: لَا. مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُعِينُوهُ، أَخْشَى أَنْ يَجْتَرِئَ، لَا، وَلَكِنْ يَدَعُوهُ حَتَّى يَنْكَسِرَ فَيَرُدَّ عَلَى هَذِهِ قِيلَ لَهُ وَهُمْ قَرَابَتُهُ وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ هَذَا قَدْ ظَلَمَهُ قَالَ: لَا يُعِينُوهُ حَتَّى يُؤَدِّي إلَى تِلْكَ لَعَلَّهُ أَنْ يَنْتَهِي بِهَذَا.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْبٍ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ ظَالِمٍ ظَلَمَهُ رَجُلٌ أُعِينُهُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ ظُلْمِهِ.

وَرَوَى الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ الْمُنْقِرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ الْخَطَّابُ قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ يَا أَبَا ثَابِتٍ؟ قُلْتُ: أَشْتَرِي دَقِيقًا لِأَبِي سُلَيْمَانَ الْجُوزَجَانِيِّ، فَقَالَ: تَشْتَرِي لِأَبِي سُلَيْمَانَ دَقِيقًا؟ فَقُلْتُ: وَمَا بَأْسٌ؟ فَقَالَ: مَا يَحِلُّ لَك قَالَ: فَقُلْتُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَقُولُ يَا أَبَا عَبْد اللَّه؟ قَالَ: لَا يَحِلُّ، تَشْتَرِي دَقِيقًا لِرَجُلٍ يَرُدُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015