وَمَنْ نَظَرَ فِي حَالِ السَّلَفِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْخَلَفِ وَجَدَهُمْ لَا يَلْتَفِتُونَ إلَى هَذِهِ الْأَعْذَارِ، وَلَا يُعَرِّجُونَ عَلَيْهَا، وَقَدْ قِيلَ

وَمَنْ يَجْتَهِدْ فِي نَيْلِ أَمْرٍ وَيَصْطَبِرْ ... يَنَلْهُ وَإِلَّا بَعْضَهُ إنْ تَعَسَّرَا

فَمَا دُمْت حَيًّا فَاطْلُبْ الْعِلْمَ وَالْعُلَى ... وَلَا تَأْلُ جُهْدًا أَنْ تَمُوتَ فَتُعْذَرَا

وَلَكِنْ يَنْبَغِي اغْتِنَامُ أَوْقَاتِ الْفَرَاغِ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَذَكَرَ أَبُو حَفْصٍ النَّحَّاسُ قَوْلَ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ:

بَادِرْ إذَا الْحَاجَاتُ يَوْمًا أَمْكَنَتْ ... بِوُرُودِهِنَّ مَوَارِدَ الْآفَاتِ

كَمْ مِنْ مُؤَخِّرِ حَاجَةٍ قَدْ أَمْكَنَتْ ... لِغَدٍ وَلَيْسَ غَدٌ لَهُ بِمُوَاتِ

تَأْتِي الْحَوَادِثُ حِينَ تَأْتِي جَمَّةً ... وَنَرَى السُّرُورَ يَجِيءُ فِي الْفَلَتَاتِ

وَكَانَ الشَّاشِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ الْمَشْهُورُ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِمِائَةٍ يُنْشِدُ:

تَعَلَّمْ يَا فَتَى وَالْعُودُ رَطْبٌ ... وَطِينُك لَيِّنٌ وَالطَّبْعُ قَابِلْ

وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيَّ الْحَنْبَلِيَّ تِلْمِيذَ أَبِي الْخَطَّابِ الْمُتَوَفَّى فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ قَالَ أَنْشَدَنِي:

أَخِي لَنْ تَنَالَ الْعِلْمَ إلَّا بِسِتَّةٍ ... سَأُنْبِيكَ عَنْ مَكْنُونِهَا بِبَيَانِ

ذَكَاءٍ وَحِرْصٍ وَاجْتِهَادٍ وَبُلْغَةٍ ... وَإِرْشَادِ أُسْتَاذٍ وَطُولِ زَمَانِ

قَالَ وَأَنْشَدَنِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015