وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُون الْآمِر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِي عَنْ الْمُنْكَر مُتَوَاضِعًا، رَفِيقًا فِيمَا يَدْعُو إلَيْهِ شَفِيقًا رَحِيمًا غَيْرَ فَظٍّ وَلَا غَلِيظ الْقَلْب، وَلَا مُتَعَنِّتًا، حُرًّا وَيَتَوَجَّه أَنَّ الْعَبْد مِثْله وَإِنْ كَانَ الْحُرّ أَكْمَلَ، عَدْلًا فَقِيهًا، عَالِمًا بِالْمَأْمُورَاتِ وَالْمَنْهِيَّات شَرْعًا، دَيِّنًا نَزِهًا، عَفِيفًا ذَا رَأْيٍ وَصَرَامَة وَشِدَّة فِي الدِّين، قَاصِدًا بِذَلِكَ وَجْه اللَّهِ عَزَّ جَلَّ، وَإِقَامَة دِينه، وَنُصْرَة شَرْعِهِ، وَامْتِثَال أَمْرِهِ، وَإِحْيَاء سُنَنِهِ، بِلَا رِيَاء وَلَا مُنَافَقَة وَلَا مُدَاهَنَة غَيْر مُتَنَافِس وَلَا مُتَفَاخِر، وَلَا مِمَّنْ يُخَالِف قَوْلُهُ فِعْلَهُ، وَيُسَنُّ لَهُ الْعَمَل بِالنَّوَافِلِ وَالْمَنْدُوبَات وَالرِّفْق، وَطَلَاقَة الْوَجْه وَحُسْن الْخُلُقِ عِنْد إنْكَاره، وَالتَّثْبِيت وَالْمُسَامَحَة بِالْهَفْوَةِ عِنْد أَوَّل مَرَّة.
قَالَ حَنْبَلٌ إنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُول وَالنَّاس يَحْتَاجُونَ إلَى مُدَارَاة وَرِفْق، الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ بِلَا غِلْظَة إلَّا رَجُل مُعْلَن بِالْفِسْقِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْك نَهْيُهُ وَإِعْلَامه لِأَنَّهُ يُقَال لَيْسَ لِفَاسِقٍ حُرْمَة فَهَؤُلَاءِ لَا حُرْمَةَ لَهُمْ. وَسَأَلَهُ مُهَنَّا هَلْ يَسْتَقِيم أَنْ يَكُون ضَرْبًا بِالْيَدِ إذَا أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ الرِّفْق. وَنَقَلَ يَعْقُوبُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَقُولُونَ مَهْلًا رَحِمكُمْ اللَّه. وَنَقَلَ مُهَنَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَ بِالرِّفْقِ وَالْخُضُوع قُلْت كَيْف قَالَ إنْ أَسْمَعُوهُ مَا يَكْرَه لَا يَغْضَبْ فَيُرِيد أَنْ يَنْتَصِر لِنَفْسِهِ. وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ إذَا أَمَرْتُهُ بِمَعْرُوفٍ فَلَمْ يَنْتَهِ قَالَ دَعْهُ إنْ زِدْت عَلَيْهِ ذَهَبَ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَصِرْت مُنْتَصِرًا لِنَفْسِك فَتَخْرُج إلَى الْإِثْم، فَإِذَا أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ قَبِلَ مِنْك وَإِلَّا فَدَعْهُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ أَخْبَرَنِي الْمَيْمُونِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ