أَنْتَ مَسْئُول عَنْ الرَّعِيَّة فَاتَّقِ اللَّه، أَنْصَحُ لَكَ مِمَّنْ يَقُولُ أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتٍ مَغْفُورٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ قَرَابَة نَبِيِّكُمْ، فَبَكَى الرَّشِيدُ حَتَّى رَحِمَهُ مَنْ حَوْله، فَقُلْت لَهُ فِي كَلَامِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنْ تَكَلَّمْت خِفْتُ مِنْكَ، وَإِنْ سَكَتّ خِفْتُ عَلَيْكَ، وَأَنَا أُقَدِّم خَوْفِي عَلَيْك عَلَى خَوْفِي مِنْكَ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَوَعَظَ شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ الْمَنْصُورَ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَجْعَل فَوْقَكَ أَحَدًا، فَلَا تَجْعَل فَوْقَ شُكْرِكَ شُكْرًا.
وَدَخَلَ ابْنُ السَّمَّاكِ عَلَى الرَّشِيدِ فَقَالَ لَهُ تَكَلَّمَ وَأَوْجِزْ، فَقَالَ: إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الدُّخُول إلَيْك فَغَضِبَ الرَّشِيدُ وَقَالَ: لَتَخْرُجَنَّ مِمَّا قُلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِك وَأَصْنَعَن قَالَ: أَنْتَ وَلِيُّ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ فَإِنْ أَنَا لَمْ أَنْصَحْ لَكَ فِيهِمْ وَأَصْدُقْك عَنْهُمْ خِفْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ اتَّقِ اللَّهَ فِي رَعِيَّتِكَ، وَخَفْ الْمَرْجِعَ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَمْ أَرَ أَحْسَن مِنْ وَجْهِكَ فَلَا تُجَمِّلْهُ لِجَهَنَّمَ حَطَبًا.
وَقَالَ بَعْضهمْ: رُبّ هَالِكٍ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَمَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ، وَمُسْتَدْرَج بِالْإِحْسَانِ إلَيْهِ وَقَالَ الْفُضَيْلُ إذَا قِيلَ لَك أَتَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَاسْكُتْ، فَإِنَّك إنْ جِئْت بِلَا جِئْت بِأَمْرٍ عَظِيمٍ وَهَوْلٍ، وَإِنْ قُلْت نَعَم فَالْخَائِف لَا يَكُون عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كُلُّ مَا يُكْرَه الْمَوْتُ مِنْ أَجْلِهِ فَاتْرُكْهُ لَا يَضُرَّك مَتَى مِتَّ وَقَالَ سُفْيَانُ: يَنْبَغِي لِمَنْ وَعَظَ أَنْ لَا يُعَنِّف، وَلِمَنْ وُعِظَ أَنْ لَا يَأْنَف، وَيُذَكِّر مَنْ يَعِظهُ وَيُخَوِّفهُ مَا يُنَاسِب الْحَال وَمَا يَحْصُل بِهِ الْمَقْصُود، وَلَا يُطِيل، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ، وَلِكُلِّ فَنٍّ رِجَالٌ.
وَالْآيَات وَالْأَخْبَار الْمُتَعَلِّقَة بِالظُّلْمِ وَالْأَمْر بِالْعَدْلِ وَالتَّقْوَى وَالْكَفِّ عَنْ الْمُحَرَّمَات مَعَ اخْتِلَافِهَا كَثِيرَة مَشْهُورَة.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ عَلَيْهِمْ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْهُ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْهُ» .