وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى أَنَّهُمْ أَخِلَّاءُ فِي الْمَعَاصِي وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ كَذَلِكَ وَقَالَ (إلَّا الْمُتَّقِينَ) الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ كَذَا قَالَ وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْإِيمَانَ يَفْسُدُ بِمَوَدَّةِ الْكُفَّارِ وَأَنَّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا لَا يُوَالِي كَافِرًا وَلَوْ كَانَ قَرِيبَهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بَيَّنَتْ الْآيَةُ أَنَّ ذَلِكَ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْإِيمَانِ، كَذَا قَالَ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَصِيرُ كَافِرًا بِذَلِكَ وَاحْتَجَّ بِهَا مَالِكٌ عَلَى تَرْكِ مُجَالَسَةِ الْقَدَرِيَّةِ وَمُعَادَاتِهِمْ فِي اللَّهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَفِي مَعْنَى أَهْلِ الْقَدَرِ جَمِيعُ أَهْلِ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ كَذَا قَالَ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَنْ يَصْحَبُ السُّلْطَانَ. وَعَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ لِفَاجِرٍ عِنْدِي نِعْمَةً فَإِنِّي وَجَدْت فِيمَا أَوْحَيْت إلَيَّ: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [المجادلة: 22] » .
وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: التَّارِكُ لِلْإِخْوَانِ مَتْرُوكٌ، كَانَ يُقَالُ أَنْصَحُ النَّاسِ فِيكَ مَنْ خَافَ اللَّهَ فِيكَ. قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
مَنْ ذَا الَّذِي يَخْفَى عَلَيْ ... كَ إذَا نَظَرْت إلَى حَدِيثِهْ
كَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَتَمَثَّلُ:
لِكُلِّ امْرِئٍ شَكْلٌ يَقَرُّ بِعَيْنِهِ ... وَقُرَّةُ عَيْنِ الْفَسْلِ أَنْ يَصْحَبَ الْفَسْلَا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْفَسْلُ مِنْ الرِّجَالِ الرُّذَّلُ وَالْمَفْسُولُ مِثْلُهُ وَقَدْ فَسُلَ بِالضَّمِّ