{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6] قَالَ أَدِّبُوهُمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
قَدْ يَنْفَعُ الْأَدَبُ الْأَحْدَاثَ فِي مَهَلٍ ... وَلَيْسَ يَنْفَعُ بَعْدَ الْكِبَرِ الْأَدَبُ
إنَّ الْغُصُونَ إذَا قَوَّمْتَهَا اعْتَدَلَتْ ... وَلَا تَلِينُ إذَا قَوَّمْتَهَا الْخُشُبُ
قِيلَ لِعِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ أَدَّبَك؟ قَالَ مَا أَدَّبَنِي أَحَدٌ رَأَيْت جَهْلَ الْجَاهِلِ فَاجْتَنَبْته.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ أَرَادَ أَنْ يُغِيظَ عَدُوَّهُ فَلَا يَرْفَعْ الْعَصَا عَنْ وَلَدِهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ كَانُوا يَقُولُونَ أَكْرِمْ وَلَدَكَ وَأَحْسِنْ أَدَبَهُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ التَّعَلُّمُ فِي الصِّغَرِ كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ وَقَالَ لُقْمَانُ ضَرْبُ الْوَالِدِ لِلْوَلَدِ كَالسَّمَادِ لِلزَّرْعِ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ بَهْجَةِ الْمَجَالِسِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ لِي مَخْلَدَةُ بْنُ الْحُسَيْنِ نَحْنُ إلَى كَثِيرٍ مِنْ الْأَدَبِ أَحْوَجُ مِنَّا إلَى كَثِيرٍ مِنْ الْحَدِيثِ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ» وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا «لَأَنْ يُؤَدِّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا غَرِيبٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ الشَّاعِرُ:
خَيْرُ مَا وَرَّثَ الرِّجَالُ بَنِيهِمْ ... أَدَبٌ صَالِحٌ وَحُسْنُ الثَّنَاءِ
هُوَ خَيْرٌ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالْأَوْرَاقِ ... فِي يَوْمِ شِدَّةٍ أَوْ رَخَاءِ
تِلْكَ تَفْنَى وَالدِّينُ وَالْأَدَبُ الصَّا ... لِحُ لَا يَفْنَيَانِ حَتَّى اللِّقَاءِ
إنْ تَأَدَّبْت يَا بُنَيَّ صَغِيرًا ... كُنْت يَوْمًا تُعَدُّ فِي الْكُبَرَاءِ.