{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38] قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا مِنْ جِهَةِ الْخِلْقَةِ وَالصُّورَةِ، وَعَدَمًا مِنْ جِهَةِ الْمَنْطِقِ وَالْمَعْرِفَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُنْصَرِفًا إلَى الْمُمَاثَلَةِ فِي الطِّبَاعِ وَالْأَخْلَاقِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّك إنَّمَا تُعَاشِرُ الْبَهَائِمَ فَخُذْ حِذْرَكَ قَالَ: وَلِذَلِكَ رَأَى الْحُكَمَاءُ أَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ آفَاتِ السِّبَاعِ الضَّارِيَةِ أَمْكَنُ مِنْ السَّلَامَةِ مِنْ شَرِّ النَّاسِ انْتَهَى كَلَامُهُ وَقَدْ قِيلَ:
لِقَاءُ النَّاسِ لَيْسَ يُفِيدُ شَيْئًا ... سِوَى الْهَذَيَانِ مِنْ قِيلٍ وَقَالَ
فَأَقْلِلْ مِنْ لِقَاءِ النَّاسِ إلَّا ... لِكَسْبِ مَعِيشَةٍ وَصَلَاحِ حَالٍ
وَقِيلَ أَيْضًا:
وَاَللَّهِ لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا ... تَبْقَى عَلَيْنَا وَيَأْتِي رِزْقُهَا رَغَدَا
مَا كَانَ مِنْ حَقِّ حُرٍّ أَنْ يَذِلَّ لَهَا ... فَكَيْفَ وَهْيَ مَتَاعٌ يَسْتَحِيلُ غَدَا.