ِ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ الْخِلْطَةِ وَالْعُزْلَةِ عَلَى مَذْهَبَيْنِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْهُ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ: قَالَ: فِي رِوَايَةِ أَبِي الصَّقْرِ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْهَا إذَا كَانَتْ الْفِتْنَةُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْتَزِلَهَا الرَّجُلُ حَيْثُ شَاءَ فَأَمَّا مَا لَمْ يَكُنْ فِتْنَةٌ، فَالْأَمْصَارُ خَيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: ثَنَا حَجَّاجٌ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْأَعْمَشُ: هُوَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُمْ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ الْمُثَنَّى عَنْ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ وَقَالَ: قَالَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ: كَانَ شُعْبَةُ يَرَى أَنَّهُ ابْنُ عُمَرَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ: قُلْتُ: لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: التَّخَلِّي أَعْجَبُ إلَيْك؟ فَقَالَ التَّخَلِّي عَلَى عِلْمٍ وَقَالَ: يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: رِوَايَةُ شُعْبَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» .
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ: فِي الْأَدَبِ مِنْ مَسَائِلِهِ عَنْ أَحْمَدَ قَالَ: قَالَ أَبُو سِنَانٍ: «وَجَاءَهُ رَجُلَانِ فَقَالَ: تَفَرَّقَا فَإِنَّكُمَا إذَا كُنْتُمَا جَمِيعًا تَحَدَّثْتُمَا، وَإِذَا كُنْتُمَا وُحْدَانًا ذَكَرْتُمَا اللَّهَ تَعَالَى» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ أَبِي سِنَانٍ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ: إنَّهُ نَقَلَ مِنْ الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنْ الْأَدَبِ تَأْلِيفَ الْمَرُّوذِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَفَى بِالْعُزْلَةِ عِلْمًا، وَإِنَّمَا الْفَقِيهُ الَّذِي يَخْشَى اللَّهَ.
وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ.
وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ السَّلَفِ يُؤْثِرُونَ الْعُزْلَةَ عَلَى الْخِلْطَةِ وَقَالَ أَيْضًا: إنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى نَفْعِ النَّاسِ بِمَالِهِ أَوْ بَدَنِهِ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ مَعَ الْقِيَامِ بِحُدُودِ الشَّرْعِ إنَّهُ