قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قِصَّةِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَعْنِي قَوْلَهُ: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55] فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَصِفَ نَفْسَهُ بِالْفَضْلِ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَحْظُورِ.
{فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِي الْفُنُونِ سُؤَالٌ عَنْ قَوْلِهِ: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] .
كَيْفَ سَاغَ لِعُمَرَ أَنْ يُزَكِّيَ نَفْسَهُ حِينَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ صَيْدٍ قَتَلَهُ فَقَالَ: اصْبِرْ حَتَّى يَأْتِ حَكَمٌ آخَرُ فَيَحْكُمَ لِنَفْسِهِ إنَّهُ أَحَدُ الْعَدْلَيْنِ قِيلَ: إنَّمَا نَهَى عَنْ تَزْكِيَةِ النَّفْسِ بِالْمَدْحِ وَالْإِطْرَاءِ الْمُورِثِ عُجْبًا وَتِيهًا وَمَرَحًا وَمَا قَصَدَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ إنَّمَا قَصَدَ فَصْلَ حُكْمٍ وَهُوَ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ ذَلِكَ فَصَارَ كَقَوْلِهِ عَنْ الْمَلَائِكَةِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -:
{وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [الصافات: 165] {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} [الصافات: 166] فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا مَنْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الِافْتِخَارِ.
وَلِذَلِكَ قَالَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» فَنَفَى الْفَخْرَ الَّذِي هُوَ الْإِعْجَابُ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: عَنْ قِصَّةِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ مَدَحَ نَفْسَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ وَمِنْ شَأْنِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ التَّوَاضُعُ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا خَلَا