فَلَيْسَ بِمَدَّاحٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ صَارَ مَادِحًا بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنْ جَمِيلِ الْقَوْلِ كَذَا قَالَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ «أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: وَيْلَك قَطَعْت عُنُقَ صَاحِبِك ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسَبُ فُلَانًا، وَاَللَّهُ حَسِيبُهُ وَلَا يُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا أَحْسَبُ كَذَا وَكَذَا إنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ بِشْرٍ فَذَكَرُوهُ فَأَثْنَى عَلَيْهِ بِشْرٌ، وَقَالَ: لَا يَنْسَى اللَّهُ لِأَحْمَدَ صَنِيعَهُ، ثَبَتَ وَثَبَتْنَا، وَلَوْلَاهُ لَهَلَكْنَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَجْهُ أَبِي يَتَهَلَّلُ، فَقُلْت: يَا أَبَتِ أَلَيْسَ تَكْرَهُ الْمَدْحَ فِي الْوَجْهِ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إنَّمَا ذُكِرْت عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَمَا كَانَ مِنِّي فَحَمِدَ صَنِيعِي، وَقَدْ قَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ» .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يُقَالُ لَهُ فِي وَجْهِهِ: أَحْيَيْت السُّنَّةَ. قَالَ: هَذَا فَسَادٌ لِقَلْبِ الرَّجُلِ.
وَقَالَ خَطَّابُ بْنُ بِشْرٍ: قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الشَّافِعِيُّ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِبَقَائِك وَكَلَامٌ مِنْ هَذَا النَّحْوِ كَثِيرٌ، فَقَالَ لَهُ: لَا تَقُلْ هَذَا يَا أَبَا عُثْمَانَ. وَمَنْ أَنَا فِي النَّاسِ؟
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَا أَكْثَرَ الدَّاعِينَ لَك فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنُهُ، وَقَالَ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا اسْتِدْرَاجًا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: لَوْ أَنَّ لِلذُّنُوبِ رِيحًا مَا جَلَسَ إلَيَّ مِنْكُمْ أَحَدٌ. قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إنَّ بَعْضَ الْمُحَدِّثِينَ قَالَ لِي: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَزْهَدْ فِي الدَّرَاهِمِ وَحْدَهَا. قَدْ زَهِدَ فِي النَّاسِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمَنْ أَنَا حَتَّى أَزْهَدَ فِي النَّاسِ. النَّاسُ يُرِيدُونَ أَنْ يُزَهِّدُونِي.
وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ، وَيَغْفِرَ لَنَا مَا لَا يَعْلَمُونَ.
وَقَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَأَيْتُكَ. قَالَ: اُقْعُدْ أَيْشٍ ذَا؟