لِمَا يَسْمَعُهُ الرَّائِي.
وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَرِوَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ مُتَيَقِّظًا لَا مُغَفَّلًا وَلَا سَيِّئَ الْحِفْظِ وَلَا كَثِيرَ الْخَطَإِ وَلَا مُخْتَلَّ الضَّبْطِ، وَالنَّائِمُ لَيْسَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ لِاخْتِلَالِ ضَبْطِهِ، أَمَّا إذَا رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُهُ بِفِعْلٍ مَنْدُوبٍ إلَيْهِ أَوْ يَنْهَاهُ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَوْ يُرْشِدُهُ إلَى فِعْلِ مَصْلَحَةٍ فَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ الْعَمَلِ عَلَى وَفْقِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ الْمَنَامِ بَلْ بِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَصْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ انْتَهَى كَلَامُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ تَيْمِيَّةَ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: أَيْضًا لَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي قَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ.» : إنَّهُ هَلْ يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ اللَّهِ فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا «الرُّؤْيَا مِنْ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلْمًا فَلْيَنْفُثْ عَلَى يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ.» وَفِي رِوَايَةٍ «فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ حِينَ يَهُبُّ مِنْ نَوْمِهِ ثَلَاثًا.» وَفِي رِوَايَةٍ «فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا. وَلِمُسْلِمٍ فَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.» وَفِي رِوَايَةٍ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْ اللَّهِ وَالرُّؤْيَا السُّوءُ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى رُؤْيَا فَكَرِهَ مِنْهَا شَيْئًا فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ وَلَا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا، فَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً فَلْيُبَشِّرْ وَلَا يُخْبِرْ بِهَا إلَّا مَنْ يُحِبُّ» .
وَفِي رِوَايَةٍ «فَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرِّهَا وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ.» رَوَى ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
الْحُلْمُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَالْفِعْلُ مِنْهُ حَلَمَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ