قَطْعِهِ وَفِي هَذَا الْإِجْمَاعِ مَعَ ذِكْرِهِ الْقَوْلَ الثَّالِثَ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْإِجْمَاعِ لَا يَحْرُمُ، وَأَرَادَ صَاحِبُ الْقَوْلِ الْكَرَاهَةَ، وَقَوْلُهُ: أَكْثَرُ مَا يُرْوَى عَنْ عُرْوَةَ مُتَوَجَّهٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ فِي الْأَدَبِ مِنْ مَسَائِلِهِ سَأَلْتُهُ يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ عَنْ السِّدْرَةِ تَكُونُ فِي الدَّارِ فَتُؤْذِي أَتُقْطَعُ قَالَ: لَا تُقْطَعُ مِنْ أَصْلِهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ تُقْطَعَ شَاخَاتُهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا النَّصُّ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الْقَطْعِ، وَتَضْعِيفُهُ لِلْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى إبَاحَتِهِ فَيَكُونُ عَنْهُ رِوَايَتَانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَالْخَبَرُ الضَّعِيفُ يَحْتَجُّ بِهِ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ فِي مِثْلِ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ: إذَا ضَعَّفَ أَحْمَدُ الْخَبَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ الْعَمَلُ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي آدَابِ الْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ فِي مَقْبُولِ الْمَنْقُولِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ اللَّوَاحِقِ أَنَّ أَبَا دَاوُد سُئِلَ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَصَرٌ يَعْنِي «مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً فِي فَلَاةٍ يَسْتَظِلُّ بِهَا ابْنُ السَّبِيلِ وَالْبَهَائِمُ عَبَثًا وَظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ يَكُونُ لَهُ فِيهَا صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ» .