ِ) وَإِذَا وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدٍ وَلَسْت فِيهِ فَلَا تُقْدِمْ عَلَيْهِ وَإِنْ كُنْت فِيهِ فَلَا تَخْرُجْ مِنْهُ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ، وَمُرَادُهُمْ فِي دُخُولِهِ، وَالْخُرُوجِ مِنْهُ لِغَيْرِ سَبَبٍ بَلْ فِرَارًا وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمْ، وَجَوَّزَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْقُدُومَ عَلَيْهِ، وَالْخُرُوجَ مِنْهُ فِرَارًا، وَقَالُوا: لَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَهُ غَيْرُ الْمُقَدَّرِ لَكِنْ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ عَلَى النَّاسِ لِئَلَّا يَظُنُّوا أَنَّ هَلَاكَ الْقَادِمِ بِقُدُومِهِ وَسَلَامَةُ الْفَارِّ بِفِرَارِهِ وَأَنَّ هَذَا مِنْ نَحْوِ النَّهْي عَنْ الطِّيَرَةِ، وَالْقُرْبِ مِنْ الْمَجْذُومِ.
وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا وَلِهَذَا رَوَى أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تُقْدِمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» وَرَوَوْهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ وَفِي أَوَّلِهِ فَقَالَ «رِجْسٌ أَوْ عَذَابٌ عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الْأُمَمِ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ يَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأْتِي الْأُخْرَى» . وَلِأَحْمَدَ، وَالْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «إنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ» وَلِأَحْمَدَ «لَا تَفْنَى أُمَّتِي إلَّا بِالطَّعْنِ، وَالطَّاعُونِ قُلْنَا: فَمَا الطَّاعُونُ قَالَ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ، وَالْفَارُّ مِنْهُ كَالْفَارِّ مِنْ الزَّحْفِ» وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «قِيلَ: فَمَا الطَّاعُونُ قَالَ: وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنْ الْجِنِّ» .
الْوَخْزُ طَعْنٌ لَيْسَ بِنَافِذٍ. وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «الْفَارُّ مِنْهُ كَالْفَارِّ مِنْ الزَّحْفِ، وَالصَّابِرُ