وَقَالَ آخَرُ:
تَقَنَّعْ بِمَا يَكْفِيك وَالْتَمِسْ الرِّضَا ... فَإِنَّك لَا تَدْرِي أَتُصْبِحُ أَمْ تُمْسِي
فَلَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْمَالِ إنَّمَا ... يَكُونُ الْغِنَى وَالْفَقْرُ مِنْ قِبَلِ النَّفْسِ
وَقَالَ آخَرُ:
وَلَا تَعِدِينِي الْفَقْرَ يَا أُمَّ مَالِكٍ ... فَإِنَّ الْغِنَى لِلْمُنْفِقِينَ قَرِيبُ
وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْك» وَقَالَ آخَرُ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفَقْرَ يُزْرِي بِأَهْلِهِ ... وَأَنَّ الْغِنَى فِيهِ الْعُلَى وَالتَّجَمُّلُ
وَقَالَ آخَرُ:
اسْتَغْنِ عَنْ كُلِّ ذِي قُرْبَى وَذِي رَحِمٍ ... إنَّ الْغَنِيَّ مَنْ اسْتَغْنَى عَنْ النَّاسِ
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَكَانَ يُقَالُ: لَا تَدْعُ عَلَى وَلَدِك الْمَوْتَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْفَقْرَ.
قَالَ الشَّاعِرُ:
لَعَمْرُك إنَّ الْقَبْرَ خَيْرٌ لِمَنْ ... كَانَ ذَا يُسْرٍ وَعَادَ إلَى عُسْرِ
وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْلَا ثَلَاثٌ صَلُحَ النَّاسُ شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ» وَخَطَبَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَامّ بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَا زُبَيْرُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْك، وَلَا تُوكِي فَيُوكَى عَلَيْك، وَأَوْسِعْ يُوَسِّعْ اللَّهُ عَلَيْك، وَلَا تُضَيِّقْ فَيُضَيَّقْ عَلَيْك، وَاعْلَمْ يَا زُبَيْرُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْإِنْفَاقَ وَلَا يُحِبُّ الْقَتَارَ وَيُحِبُّ السَّمَاحَ وَلَوْ عَلَى تَمْرَةٍ، وَيُحِبُّ الشَّجَاعَةَ وَلَوْ عَلَى قَتْلِ حَيَّةٍ، أَوْ عَقْرَبٍ، وَاعْلَمْ يَا زُبَيْرُ أَنَّ لِلَّهِ فُضُولُ أَمْوَالٍ سِوَى الْأَرْزَاقِ الَّتِي قَسَمَهَا بَيْنَ الْعِبَادِ