- رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمْ يَعِدُ وَيُخْلِفُ قَالَ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ مِنْ الْأَصْبَاغِ مَا لَا يُمْكِنُهُ صَبْغُهُ فَإِذَا تَحَرَّى الْوَاحِدُ مِنْهُمْ الصِّدْقَ وَالثِّقَةَ فَلَا طَعْنَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ الصَّنَائِعِ الرَّدِيئَةِ مَعَ إمْكَانِ مَا هُوَ أَصْلَحُ مِنْهَا وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ جَزَّارًا؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ قَسَاوَةَ الْقَلْبِ أَوْ حَجَّامًا أَوْ كَنَّاسًا لِمَا فِيهِ مِنْ مُبَاشَرَةِ النَّجَاسَةِ، وَفِي مَعْنَاهُ الدَّبَّاغُ انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَالَ الْمَرْوَزِيُّ سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ فَكَرِهَهُ وَقَالَ لَوْلَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ مَا أَعْطَيْنَاهُ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ بَلَدٍ طَبِيبٌ وَكَحَّالٌ وَجَرَائِحِيٌّ وَطَحَّانٌ وَخَبَّازٌ وَلَحَّامٌ وَطَبَّاخٌ وَشَوَّاءٌ وَبَيْطَارٌ وَإِسْكَافٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الصَّنَائِعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا غَالِبًا كَتِجَارَةٍ وَقَصَّارَةٍ وَمُكَارَاةٍ وَوَارِقَةٍ.
قَالَ الْقَاضِي يُسْتَحَبُّ إذَا وَجَدَ الْخَيْرَ فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ أَنْ يَلْزَمَهُ وَإِنْ قَصَدَ إلَى جِهَةٍ مِنْ التِّجَارَةِ فَلَمْ يُقْسَمْ لَهُ فِيهِ رِزْقٌ عَدَلَ إلَى غَيْرِهِ لِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مَرْفُوعًا «إذَا رُزِقَ أَحَدُكُمْ فِي الْوَجْهِ مِنْ التِّجَارَةِ فَلْيَلْزَمْهُ» .
وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَنْ اتَّجَرَ فِي شَيْءٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا فَلْيَتَحَوَّلْ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ يُقَالُ إذَا لَمْ يُرْزَقْ الْإِنْسَانُ بِبَلْدَةٍ فَلْيَتَحَوَّلْ إلَى أُخْرَى قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ رِزْقٌ فِي شَيْءٍ فَلْيَلْزَمْهُ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ سَمِعْت أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ مَا مِنْ أَهْل بَيْتٍ فِيهِمْ مَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ إلَّا رُزِقُوا وَرُزِقَ خَيْرًا.