وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ سَعْدَ اللَّهِ بْنَ نَصْرِ الدَّجَاجِيَّ الْحَنْبَلِيَّ يُكَنَّى أَبَا الْحَسَنِ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ أَرْبَع وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ تَفَقَّهَ وَنَاظَرَ وَوَعَظَ قَالَ كُنْت خَائِفًا مِنْ الْخَلِيفَةِ لِحَادِثٍ نَزَلَ فَاخْتَفَيْت فَرَأَيْت فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي فِي غُرْفَةٍ أَكْتُبُ شَيْئًا، فَجَاءَ رَجُلٌ فَوَقَفَ بِإِزَائِي وَقَالَ اُكْتُبْ مَا أُمْلِي عَلَيْك:
ادْفَعْ بِصَبْرِكَ حَادِثَ الْأَيَّامِ ... وَتَرَجَّ لُطْفَ الْوَاحِدِ الْعَلَّامِ
لَا تَيْأَسَنَّ وَإِنْ تَضَايَقَ كَرْبُهَا ... وَرَمَاك رَيْبُ صُرُوفِهَا بِسِهَامِ
فَلَهُ تَعَالَى بَيْنَ ذَلِكَ فُرْجَةٌ ... تَخْفَى عَلَى الْأَبْصَارِ وَالْأَفْهَامِ
كَمْ مَنْ نَجَا مِنْ بَيْنِ أَطْرَافِ الْقَنَا ... وَفَرِيسَةٍ سَلِمَتْ مِنْ الضِّرْغَامِ
وَقَالَ مَحْمُودُ الْوَرَّاقُ:
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الذُّلِّ بُدٌّ ... فَالْقَ بِالذُّلِّ إنْ لَقِيت الْكِبَارَا
لَيْسَ إجْلَالُك الْكَبِير بِذُلٍّ ... إنَّمَا الذُّلُّ أَنْ تُجِلَّ الصِّغَارَا
وَقَالَ أَيْضًا:
بَخِلْت وَلَيْسَ الْبُخْلُ مِنِّي سَجِيَّةً ... وَلَكِنْ رَأَيْت الْفَقْرَ شَرُّ سَبِيلِ
لَمَوْتُ الْفَتَى خَيْرٌ مِنْ الْبُخْلِ لِلْفَتَى ... وَلَلْبُخْلُ خَيْرٌ مِنْ سُؤَالِ بَخِيلِ
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «انْتِظَارُ الْفَرَجِ عِبَادَةٌ» .
وَيُرْوَى لِأَبِي مِحْجَنٍ الثَّقَفِيِّ:
عَسَى فَرَجٌ يَأْتِي مِنْ اللَّهِ إنَّهُ ... لَهُ كُلُّ يَوْمٍ فِي خَلِيقَتِهِ أَمْرُ
عَسَى مَا تَرَى أَنْ لَا يَدُومَ وَأَنْ تَرَى ... لَهُ فَرَجًا مِمَّا أَلَحَّ بِهِ الدَّهْرُ
إذَا اشْتَدَّ عُسْرٌ فَارْجُ يُسْرًا فَإِنَّهُ ... قَضَى اللَّهُ إنَّ الْعُسْرَ يَتْبَعُهُ الْيُسْرُ
وَقَالَ آخَرُ:
لَعَمْرُكَ مَا كُلُّ التَّعَطُّلِ ضَائِرٌ ... وَلَا كُلُّ شُغْلٍ فِيهِ لِلْمَرْءِ مَنْفَعَهْ
إذَا كَانَتْ الْأَرْزَاقُ فِي الْقُرْبِ وَالنَّوَى ... عَلَيْك سَوَاءٌ فَاغْتَنِمْ لَذَّةَ الدَّعَهْ