فِي وَجْهِكَ مَرَّةً لَعَبَسَ فِي وَجْهِكَ أَهْلُكَ وَجِيرَانُكَ، ثُمَّ حَثَّ عَلَى الْإِمْسَاكِ. وَسَبَقَ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فِي فَضْلِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ كَلَامُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَسَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ مَا يُوَافِقُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَمِنْ شِعْرٍ لِعَمَّارٍ الْكَلْبِيِّ:
وَالْفَقْرُ يُزْرِي بِأَقْوَامٍ ذَوِي حَسَبٍ ... وَرُبَّمَا سَادَ نَذْلُ الْقَوْمِ بِالْمَالِ
أَصُونُ عِرْضِي بِمَالِي لَا أُدَنِّسُهُ ... لَا بَارَكَ اللَّهُ بَعْدَ الْعِرْضِ فِي الْمَالِ
وَقَالَ آخَر:
إذَا قَلَّ مَالُ الْمَرْءِ قَلَّ صَفَاؤُهُ ... وَضَاقَتْ عَلَيْهِ أَرْضُهُ وَسَمَاؤُهُ
وَأَصْبَحَ لَا يَدْرِي وَإِنْ كَانَ حَازِمًا ... أَقُدَّامُهُ خَيْرٌ لَهُ أَمْ وَرَاؤُهُ
إذَا قَلَّ مَالُ الْمَرْءِ لَمْ يَرْضَ عَقْلَهُ ... بَنُوهُ وَلَمْ يَغْضَبْ لَهُ أَوْلِيَاؤُهُ
وَإِنْ مَاتَ لَمْ يُفْقَدْ وَلَمْ يَحْزَنُوا لَهُ ... وَإِنْ عَاشَ لَمْ يَسْرُرْ صَدِيقًا بَقَاؤُهُ
وَقَالَ آخَر:
الْفَقْرُ يُزْرِي بِأَقْوَامٍ ذَوِي حَسَبٍ ... وَقَدْ يُسَوِّدُ غَيْرَ السَّيِّدِ الْمَالُ
وَقَالَ آخَر:
أَرَى دَهْرَنَا فِيهِ عَجَائِبُ جَمَّةٌ ... إذَا اُسْتُعْرِضَتْ بِالْعَقْلِ ضَلَّ بِهَا الْعَقْلُ
أَرَى كُلَّ ذِي مَالٍ يَسُودُ بِمَالِهِ ... وَإِنْ كَانَ لَا أَصْلٌ هُنَاكَ وَلَا فَضْلُ
فَشَرِّفْ ذَوِي الْأَمْوَالِ حَيْثُ لَقِيتَهُمْ ... فَقَوْلُهُمْ قَوْلٌ وَفِعْلُهُمْ فِعْلُ
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
وَالنَّاسُ حَيْثُ يَكُونُ الْمَالُ وَالْجَاهُ
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لَهُ يَا عَمْرُو نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ مَعَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَسَبَقَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا وَذَمِّهَا قَبْلَ فَصْلِ آدَابِ الْمُصَافَحَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ لِبَنِيهِ حِينَ