(فَصْلٌ) قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ نَصَارَى وَقَفُوا ضَيْعَةً لِلْبِيعَةِ أَيَسْتَأْجِرُهَا الْمُسْلِمُ مِنْهُمْ قَالَ: لَا يَأْخُذُهَا بِشَيْءٍ، وَلَا يُعِينُهُمْ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ.
وَقَالَ أَيْضًا: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ بَنَّاءٌ أَبْنِي لِلْمَجُوسِ نَاوُوسًا قَالَ لَا تَبْنِ لَهُمْ، وَلَا تُعِنْهُمْ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ، وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ مُحَمَّدٌ بْنُ الْحَكَمِ وَسَأَلَهُ عَنْ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يَحْفِرُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ قَبْرًا بِكِرَاءٍ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النَّاوُوسَ مِنْ خَصَائِصِ دِينِهِمْ الْبَاطِلِ كَالْكَنِيسَةِ بِخِلَافِ الْقَبْرِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي نَفْسِهِ مَعْصِيَةٌ وَلَا مِنْ خَصَائِصِ دِينِهِمْ قَالَهُ فِي اقْتِضَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيم.
وَذَكَرَ أَنَّ أَحْمَدَ أَطْلَقَ الْمَنْعَ قَالَ: وَكَذَا أَطْلَقَهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ وَمِثْلُ هَذَا مَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ لِلْكَنِيسَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْمَنْعُ هُنَا أَشَدُّ؛ لِأَنَّ نَفْسَ هَذَا الْمَالِ الَّذِي يَبْذُلُهُ يُصْرَفُ فِي الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْعَصِيرِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، وَذَكَرَ كَلَامًا كَثِيرًا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأُمِّ وَأَكْرَهَ لِلْمُسْلِمِ بِنَاءً أَوْ تِجَارَةً أَوْ غَيْرَهُ فِي كَنَائِسِهِمْ الَّتِي لِصَلَاتِهِمْ.