ٍ) وَتُسَنُّ الْمَضْمَضَةُ مِنْ شُرْبِهِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَمَضْمَضَ بَعْدَهُ بِمَاءٍ وَقَالَ إنَّ لَهُ دَسَمًا وَشِيبَ لَهُ بِمَاءٍ فَشَرِبَ» وَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِيهِ «أَنَّهُ لَمَّا شَرِبَ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ وَعُمَرُ وِجَاهَهُ وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ قَالَ عُمَرُ هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ يُرِيهِ إيَّاهُ فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ الْأَعْرَابِيَّ وَقَالَ الْأَيْمَنُونَ الْأَيْمَنُونَ الْأَيْمَنُونَ» قَالَ أَنَسٌ فَهِيَ سُنَّةٌ، فَهِيَ سُنَّةٌ، فَهِيَ سُنَّةٌ، وَلِلْبُخَارِيِّ " الْأَيْمَنُونَ الْأَيْمَنُونَ أَلَا فَيَمِّنُوا " وَتَخْصِيصُهُ فِي الرِّعَايَةِ الْمَضْمَضَةُ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْتَحَبُّ مِنْ غَيْرِهِ.
وَذَكَرَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْأَطِبَّاء أَنَّ الْإِكْثَارَ مِنْهُ يَضُرُّ بِالْأَسْنَانِ وَاللِّثَةِ وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَمَضْمَضَ بَعْدَهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ ذَكَرَ الْخَبَر «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَمَضْمَضَ وَقَالَ إنَّ لَهُ دَسَمًا» كَذَا قَالَ وَسَبَقَ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ كَلَامُ الْأَطِبَّاءِ أَنَّهُ يَتَمَضْمَضُ بَعْدَهُ بِالْعَسَلِ؛ لِأَجْلِ اللِّثَةِ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ تُسْتَحَبَّ الْمَضْمَضَةُ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ دَسَمٌ لِتَعْلِيلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَمَّا الْمَضْمَضَةُ مِمَّا لَا دَسَمَ لَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَظَاهِرُ الْخَبَرِ لَا يُسْتَحَبُّ.
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا «مَضْمِضُوا مِنْ اللَّبَنِ فَإِنَّ لَهُ دَسَمًا» وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا «إذَا شَرِبْتُمْ اللَّبَنَ فَمَضْمِضُوا فَإِنَّ لَهُ دَسَمًا» رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ.
وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَاوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ: تُسْتَحَبُّ الْمَضْمَضَةُ مِنْ غَيْرِ اللَّبَنِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ؛ لِئَلَّا يَبْقَى مِنْهُ بَقَايَا يَبْتَلِعُهَا فِي الصَّلَاة وَلِتَنْقَطِعَ لُزُوجَتُهُ