لَهَا الْغَرَّاءُ يَحْمِلُهَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ فَلَمَّا أَضْحَوْا وَسَجَدُوا الضُّحَى أُتِيَ بِتِلْكَ الْقَصْعَةِ يَعْنِي وَقَدْ ثُرِدَ فِيهَا فَالْتَفُّوا عَلَيْهَا فَلَمَّا كَثُرُوا جَثَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا شَكُورًا وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا وَدَعُوا ذُرْوَتَهَا يُبَارَكْ فِيهَا» إسْنَادٌ جَيِّدٌ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَرًا.

وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ مُتَّكِئًا أَوْ مُضْطَجِعًا، وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِشِمَالِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ حَزْمٍ أَنَّ الْأَكْلَ بِالشِّمَالِ مُحَرَّمٌ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَإِذَا أَكَلْت أَوْ شَرِبْت فَوَاجِبٌ عَلَيْك أَنْ تَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ وَتَتَنَاوَلَ بِيَمِينِك قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كَلَامُ ابْنِ أَبِي مُوسَى فِيهِ وُجُوبُ التَّسْمِيَةِ، وَالتَّنَاوُلِ بِالْيَمِينِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيُسْرَى وَمَسُّ الْفَرْجِ بِهَا دُونَ الْيُمْنَى رُبَّمَا لِينَ النَّهْيُ فِي كِلَيْهِمَا.

وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ أَكَلَ بِشِمَالِهِ أَكَلَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ وَمَنْ شَرِبَ بِشِمَالِهِ شَرِبَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ» وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ بِيَمِينِهِ خُبْزًا وَبِشِمَالِهِ شَيْئًا يَأْتَدِمُ بِهِ وَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا وَمِنْ هَذِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ بِشِمَالِهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الشَّرَهِ وَغَيْرِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَرِهَ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ لُقْمَةً حَتَّى يَبْلَعُ مَا قَبْلَهَا وَقَدْ سَبَقَ فِي آخِرِ فُصُولِ الطِّبِّ قَوْلُ أَبِي نُعَيْمٍ إنَّ الرُّطَبَ يُؤْكَلُ بِأَشْيَاءَ لِيَقِلَّ ضَرَرُهُ، ثُمَّ رَوَى حَدِيثَ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَأْخُذُ الرُّطَبَ بِيَمِينِهِ، وَالْبِطِّيخَ بِيَسَارِهِ فَيَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْبِطِّيخِ» . فَهَذَا الْخَبَرُ غَرِيبٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ صَحَّ خُصَّ الْعُمُومُ بِهِ وَمَعَ ضَعْفِهِ يُعْمَلُ بِالْعُمُومِ، وَقَدْ يُقَالُ الْمَقَامُ مَقَامُ اسْتِحْبَابٍ وَكَرَاهَةٍ، وَالْخَبَرُ الضَّعِيفُ يُعْمَلُ بِهِ فِي ذَلِكَ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ شَيْءٌ يُسْتَأْنَسُ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَى هَنَّادُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّسَفِيُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ لِلْمَوْضُوعَاتِ الْوَاهِيَاتِ مَعَ أَنَّ الْإِسْنَادَ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ التَّمْرَ بِيَمِينِهِ وَبَعْضَ الْبِطِّيخِ بِشِمَالِهِ» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015