قَالَ الْخَلَّالُ اسْتِحْبَابُ الْقَائِلَةِ نِصْفَ النَّهَارِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَانَ أَبِي يَنَامُ نِصْفَ النَّهَارِ شِتَاءً كَانَ أَوْ صَيْفًا لَا يَدَعُهَا وَيَأْخُذُنِي بِهَا وَيَقُولُ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَا تَقِيلُ.
وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: ثَلَاثٌ مَنْ ضَبَطَهُنَّ ضَبَطَ الصَّوْمَ مَنْ قَالَ وَتَسَحَّرَ وَأَكَلَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَوْمَةُ نِصْفِ النَّهَارِ تَزِيدُ فِي الْعَقْلِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ، وَالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ وَرَوَاهُ فِي الْمُخْتَارَةِ مِنْ حَدِيثِهِ.
ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ نَوْمَ النَّهَارِ لَا يُكْرَهُ شَرْعًا لِعَدَمِ دَلِيلِ الْكَرَاهَةِ إلَّا بَعْدَ الْعَصْرِ وَإِنَّهُ تُسْتَحَبُّ الْقَائِلَةُ. وَالْقَائِلَةُ النَّوْمُ فِي الظَّهِيرَةِ، ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَظَاهِرُهُ شِتَاءً وَصَيْفًا، وَإِنْ كَانَ الصَّيْفُ أَوْلَى بِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ وَسَبَقَ الْمَنْقُولُ عَنْ أَحْمَدَ فِيهِ، وَجَزَمَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ أَظُنُّهُ صَاحِبَ النَّظْمِ بِكَرَاهَةِ، النَّوْمِ بَعْدَ الْفَجْرِ.
وَعَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّ الْأَرْضَ تَعِجُّ مِنْ نَوْمِ الْعَالَمِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ رَأَى مُعَاوِيَةَ حَمَلَ اللَّحْمَ فَقَالَ يَا مُعَاوِيَةُ مَا هَذَا لَعَلَّك تَنَامُ نَوْمَةَ الضُّحَى؟ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَك اللَّهُ.
وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ابْنًا لَهُ نَائِمًا نَوْمَةَ الضُّحَى فَقَالَ لَهُ قُمْ أَتَنَامُ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُقَسَّمُ فِيهَا الْأَرْزَاقُ؟ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ طَلَبِ الرِّزْقِ، وَالسَّعْيِ فِيهِ شَرْعًا وَعُرْفًا عِنْدَ الْعُقَلَاءِ وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَا إنَّ نَوْمَاتِ الضُّحَى تُورِثُ الْفَتَى ... خَبَالًا وَنَوْمَاتِ الْعَصِيرِ جُنُونُ