قال: «فعند ذلك شرح الله صدري للجواب عما نقل فيه من مقالته، وسارعت لإطفاء بدعته وضلالته. فأقول وبالله التوفيق، وأن يوصلنا إليه من أسهل طريق: لقد ضل صاحب هذه المقالة وأضلّ، وركب طريق الجهالة واستقل، وحاد في دعواه عن الحق وما جاد، وجاهر بعداوة الأنبياء وأظهر لهم العناد، فحرّم السفر لزيارة قبره وسائر القبور، وخالف في ذلك الخبر الصحيح المأثور، وهو ما ورد عنه صلى الله عليه وسلّم في الصحيح أنه قال: «زوروا القبور» (?). وورد عنه أنه قال: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا» (?). فرفع صلى الله عليه وسلّم الحرج عن المكلف بعد ما كان حظر. والمشهور أن الأمر بعد الحظر يقتضي الوجوب. وأقل درجاته أن يلحق بالمباح أو المندوب».
والجواب عن هذا من وجوه:
الأول: أن في هذا من الجراءة على الله ورسوله وعلماء المسلمين أولهم وآخرهم ما يقتضي أن يعرف من قال هذه المقالة ما فيها من مخالفة دين الإسلام وتكذيب الله ورسوله ويستتاب منها؛ فإن تاب وإلا ضرب عنقه. وذلك أنه ادّعى أنه من حرم السفر إلى غير المساجد الثلاثة، أو حرم السفر لمجرد زيارة القبور فقد جاهر الأنبياء بالعداوة، وأظهر لهم العناد، فحرم السفر لزيارة قبره وسائر القبور. ذكر ذلك بحرف الفاء وليس في كلام المجيب إلا حكاية القولين في السفر لمجرد زيارة القبور.
فإذا قيل: إنه جاهر بالعداوة وأظهر العناد لأجل تحريم هذا السفر؛ كان كل من حرّمه مجاهرا للأنبياء بالعداوة مظهرا لهم العناد، ومعلوم أن مجاهرة الأنبياء بالعداوة