عن زوجة جده عائشة، عن ليث. وهذا الليث وزوجة جده مجهولان لأن ليثا غير معروف بضبط ولا عدالة مع غرابتهما، ونفس المتن باطل.

فإن الأعمال التي فرضها الله ورسوله لا يكون الرجل بها مثل الواحد من الصحابة. بل في الصحيحين عنه أنه قال: «لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» (?). فالجهاد والحج ونحوهما أفضل من زيارة قبره باتفاق المسلمين، ولا يكون الرجل بهما كمن سافر إليه في حياته ورآه، كيف وذاك إما أن يكون مهاجرا إليه كما كانت الهجرة قبل الفتح، أو من الوفود الذين كانوا يفدون إليه يتعلّمون الإسلام ويبلّغونه عنه إلى قومهم، وهذا عمل لا يمكن أحدا بعدهم أن يفعل مثله.

ومن شبّه من زار قبر شخص بمن كان يزوره في حياته فهو مصاب في عقله ودينه.

والزيارة الشرعية لقبر الميت مقصودها الدعاء له والاستغفار كالصلاة على جنازته، والدعاء المشروع المأمور به في حق نبينا- كالصلاة عليه والسلام عليه وطلب الوسيلة له- مشروع في جميع الأمكنة لا يختصّ بقبره، فليس عند قبره عمل صالح تمتاز به تلك البقعة، بل كل عمل صالح يمكن فعله هناك يمكن فعله في سائر البقاع، لكن مسجده أفضل من غيره. فللعبادة فيه فضيلة بكونها في مسجده، كما قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» (?).

والعبادات المشروعة فيه بعد دفنه مشروعة فيه قبل أن يدفن النبي صلى الله عليه وسلّم في حجرته، وقبل أن تدخل حجرته في المسجد، ولم يتجدد بعد ذلك فيه عبادة غير العبادات التي كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم وغير ما شرعه هو لأمته ورغّبهم فيه ودعاهم إليه، وما يشرع للزائر من صلاة وسلام ودعاء له وثناء عليه كل ذلك مشروع في مسجده في حياته، وهي مشروعة في سائر المساجد، بل وفي سائر البقاع التي تجوز فيها الصلاة، وهو صلى الله عليه وسلّم قد جعلت له ولأمته الأرض مسجدا وطهورا، فحيثما أدركت أحدا الصلاة فليصلّ فإنه مسجد، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلّم (?).

ومن ظن زيارة القبر تختص بجنس من العبادة لم تكن مشروعة في المسجد، وإنما شرعت لأجل القبر فقد أخطأ، لم يقل هذا أحد من الصحابة والتابعين، وإنما غلط في بعض هذا بعض المتأخرين، وغاية ما نقل عن بعض الصحابة- كابن عمر- أنه كان إذا قدم من سفر يقف عند القبر ويسلم، وجنس السلام عليه مشروع في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015