فقلت: سلّمت على النبي صلى الله عليه وسلّم. فقال: «إذا دخلت المسجد فسلم عليه». ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا تتخذوا بيتي عيدا ولا بيوتكم مقابر، لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وصلّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم». ما أنتم ومن بالأندلس منه إلا سواء (?).

ورواه إسماعيل بن إسحاق القاضي في كتاب «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم» ولفظه قال: ما لي رأيتك وقفت؟ قلت: وقفت أسلّم على النبيّ صلى الله عليه وسلّم. فقال: إذا دخلت المسجد فسلّم، وذكر الحديث، ولم يذكر قول الحسن.

وقال إسماعيل: حدّثنا إبراهيم بن الحجاج، عن وهيب، عن أيوب السختياني قال: بلغني والله أعلم أن ملكا موكّل بكل من صلّى على النبي صلى الله عليه وسلّم حتى يبلغه (?).

وأما السلام؛ ففي النسائي وغيره من حديث سفيان الثوري، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام» (?).

وفي الحديث الذي تقدم من رواية أبي يعلى الموصلي، وقد تقدم إسناده عن علي بن الحسين أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلّم فيدخل فيها، فنهاه وقال: ألا أحدّثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا تتخذوا بيتي عيدا ولا بيوتكم قبورا، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم».

فهذه الأحاديث المعروفة عند أهل العلم التي جاءت من وجوه حسان، يصدّق بعضها بعضا وهي متفقة على أنه من صلّى عليه وسلم عليه من أمته فإن ذلك يبلغه ويعرض عليه، وليس في شيء منها أنه يسمع صوت المصلّي والمسلم بنفسه، إنما فيها أن ذلك يعرض عليه ويبلغه صلى الله عليه وسلّم في مدينته ومسجده أو مكان آخر.

فعلم أن ما أمر الله به من ذلك فإنه يبلغه، وأما من سلّم عليه عند قبره فإنه يرد عليه ذلك كالسلام على سائر المؤمنين؛ ليس هو من خصائصه، ولا هو السلام المأمور به الذي يسلّم الله على صاحبه عشرا، كما يصلّي على من صلّى عليه عشرا، فإن هذا هو الذي أمر الله به في القرآن، وهو لا يختصّ بمكان دون مكان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015