فالمعبودون من دون الله سواء كانوا أولياء كالملائكة والأنبياء والصالحين، أو كانوا أوثانا؛ قد تبرّءوا ممّن عبدهم وبيّنوا أنه ليس لهم أن يوالوا من عبدهم ولا أن يواليهم من عبدهم، فالمسيح وغيره كانوا برآء من المشرك بهم ومن إثمه، لكن المقصود بيان ما فضّل الله به محمدا وأمته وأنعم به عليهم من إقامته التوحيد لله؛ والدعوة إلى عبادته وحده، وإعلاء كلمته ودينه، وإظهار ما بعثه الله به من الهدى ودين الحقّ، وما صانه الله به وصان قبره من أن يتّخذ مسجدا.
فإن هذا من أقوى أسباب ضلال أهل الكتاب، ولهذا لعنهم النبيّ صلى الله عليه وسلّم على ذلك تحذيرا لأمته، وبيّن أن هؤلاء شرار الخلق عند الله يوم القيامة.
ولما كان أصحابه أعلم الناس بدينه وأطوعهم له؛ لم يظهر فيهم من البدع ما ظهر فيمن بعدهم، لا في أمر القبور ولا غيرها، فلا يعرف من الصحابة من كان يتعمّد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وإن كان فيهم من له ذنوب، لكن هذا الباب مما عصمهم الله فيه من تعمّد الكذب على نبيّهم، وكذلك البدع الظاهرة المشهورة؛ مثل بدعة الخوارج، والروافض، والقدرية (?)، والمرجئة (?)، لم يعرف