في الصلاة في مسجديهما فقط فلم يلزم نذر المشي لأنه لا طاعة فيه، ألا ترى أنه من نذر الصلاة في مسجديهما لزمه ذلك، ولو نذر أن يأتي المسجد لغير صلاة لم يلزمه.
فإذا كان إمامه ينهى عن السفر إلى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم دون إتيان مسجده، ونهى الناذر لذلك أن يوفي بنذه، والمالكية بل الأئمة الأربعة وغيرهم متفقون على أن ذلك لا يوفي بنذره، بل مالك والجمهو نهوا عن الوفاء بنذره لكونه عندهم معصية، فيلزم هذا لمفتري أن يكون مالك وأصحابه مجاهرين بالعداوة للأنبياء مظهرين لهم العناد، وكذلك سائر الأئمة، والجمهور الذين حرموا السفر لغير المساجد الثلاثة وإن كان المسافر قصده الصلاة في مسجد آخر.
ومعلوم أن المساجد أحب البقاع إلى الله، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أحب البقاع إلى الله المساجد، وأبغضها إلى الله الأسواق).
والأئمة الأربعة متفقون على أن السفر إلى مسجد غير الثلاثة لا يلزم بالنذر ولا يسن وليس مستحبًّا ولا طاعة ولا برًّا ولا قربة، وجمهورهم يقولون إنه حرام مع أن قصد المساجد للصلاة فيها والدعاء أفضل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفاق علماء أمته من قصد قبور الأنبياء والصالحين والدعاء عندها، بل هذا محرم نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعن أهل الكتاب على فعله تحذيرًا / لأمته.