الخبران، فإن كون هذا أحدث القرآن العربي يناقض كون الآخر أحدثه، فإنه إذا أحدثه أحدهما امتنع كون الآخر هو الذي أحدثه، بخلاف ما إذا بلغه فإنه يبلغه هذا إلى هذا وهذا إلى الناس والناس يبلغونه بعضهم إلى بعض، كما قال تعالى: {لأنذركم به ومن بلغ} [سورة الأنعام: (19)]. وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج. ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) وبسط هذا له موضع آخر.
والمقصود هنا أن الله أوجب علينا الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم خصوصًا، وبالملك الذي جاءه بالقرآن، فإن سائر الأنبياء علينا أن نؤمن بهم مجملاً، وأما محمد صلى الله عليه وسلم فعلينا أن نطيعه في كل ما أوجبه وأمر به، وأن نصدقه في كل ما أخبر به، وغيره من الأنبياء عليهم السلام علينا أن نؤمن / بأن كل ما أخبروا به عن الله فهو حق، وأن طاعتهم فرض على من أرسلوا إليهم، ومحمد صلى الله عليه وسلم أمرنا بما أمرتنا به الرسل من الدين العام: مثل عبادة الله وحده لا شريك له، والإيمان بالملائكة والنبيين وجمل الشرائع، بعد ما ذكره في سورة الأنعام، وسبحان، بل وعامة السور المكية، فإن ذلك مما اتفق عليه الرسل.