تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} [سورة الأنفال: (39)]، والجهاد باللسان هو مما جاهد به الرسول، كما قال تعالى في السورة المكية: / {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرًا * فلا تطع الكافرين} الآية [سورة الفرقان: (50 - 51)]. وإذا كان كذلك فالجهاد أصله ليكون الدين كله لله، بحيث تكون عبادته وحده هو الدين الظاهر، وتكون عبادة ما سواه مقهورًا مكتومًا أو باطلاً معدومًا، كما قال في المنافقين وأهل الذمة، إذ كان لا يمكن الجهاد حتى تصلح جميع القلوب، فإن هدى القلوب إنما هو بيد الله، وإنما يمكن حين يكون الدين الظاهر دين الله، كما قال تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله} [سورة التوبة: (33)]، ومعلوم أن أعظم الأضداد لدين الله هو الشرك. فجهاد المشركين من أعظم الجهاد كما كان جهاد السابقين الأولين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) وكلمة الله إما أن يراد بها كلمة معينة وهي التوحيد (لا إله إلا الله) فيكون هذا من نمط الآية، وإما أن يراد بها الجنس، أن يكون ما يقوله الله ورسوله، فهو الأعلى على كل قول، وذلك هو الكتاب ثم السنة، فمن كان يقول بما قاله الرسول ويأمر بما أمر به وينهى عما نهى عنه فهو القائم بكلمة الله،